للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ أَبُو حَامِدِ بنُ الشَّرقِيِّ: سَمِعتُ مُسلِمًا يَقُولُ: مَا وَضَعتُ شَيئًا فِي هَذَا المُسنَدِ إِلَاّ بِحُجَّةٍ، وَمَا أَسقَطتُ مِنهُ إِلَاّ بِحُجَّةٍ.

وَقَالَ ابنُ سُفيَانَ: قَالَ مُسلِمٌ: لَيسَ كُلُّ الصَحِيحٍ وَضَعتُ هُنَا، إِنَّمَا وَضَعتُ مَا أَجمَعُوا عَلَيهِ.

وقَالَ مُسلِمٌ: لَو أَنَّ أَهلَ الحَدِيثِ يَكتُبُونَ الحَدِيثَ مِائَتَي سَنَةٍ، فَمَدَارُهُم عَلَى هَذَا المُسنَدِ، وَلَقَد عَرَضتُ كِتَابِي هذَا عَلَى أَبِي زُرعَةَ الرَّازِيِّ؛ فَكُلَّ مَا أَشَارَ إِلَى أَنَّ لَهُ عِلَّةً تَرَكتُهُ، وَمَا قَالَ: هُوَ صَحِيحٌ لَيسَ لَهُ عِلَّةٌ أَخرَجَتهُ.

هَذَا مَعَ أَنَّ الكِتَابَ أَحسَنُ الأَحَادِيثِ مَسَاقًا، وَأَكمَلُ سِيَاقًا، وَأَقَلّ تَكرَارًا، وَأَتقَنُ اعتِبَارًا، وَأَيسَرُ لِلحِفظِ، وَأَسرَعُ لِلضّبطِ، مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ صَدرًا مِن عِلمِ الحَدِيث، وَمَيَّزَ طبَقَاتِ المُحَدِّثِينَ فِي القَدِيمِ وَالحَدِيث.

وَلَمَّا كَانَ هَذَا الكِتَابُ بِهَذِهِ الصِّفَة، وَمُصَنِّفُهُ بِهَذِهِ الحَالَة، ينبغِيَ أَن يَخُصَّ بِفَضلِ عِنَايَة؛ مِن تَصحِيحٍ وَضَبطٍ وَرِوَايَة؛ وَحِفظٍ وَتَفَقُّهٍ وَدِرَايَة.

إِذِ الاعتِنَاءُ بِحَدِيثِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يُشَرِّفُ الأَقدَار؛ وَيُنهِضُ الحُجَّةَ وَيُسَدِّدُ

ــ

و(قوله: وَمَيَّزَ طبَقَاتِ المُحَدِّثِينَ فِي القَدِيمِ وَالحَدِيث): يعني بالقديم: من تقدّم زمان مسلم، وبالحديث: زمانَ مَن أدركه.

وهذا إشارةٌ إلى قول مسلم في صدر كتابه: أنَّه يعمَدُ إلى جملةِ ما أُسنِدَ من الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَيَقسِمُهَا على ثلاثة أقسام، وثلاثِ طبقات، قال: أمَّا القسمُ الأوَّلُ، فإنَّا نتوخَّى أن نقدِّمَ الأخبارَ التي هي أسلَمُ من العيوب من غيرها وأنقَى؛ مِن أن يكونَ ناقلوها أهلَ استقامة في الحديث، وإتقان (١) لما نقلوا، لم يوجد في روايتهم اختلافٌ شديد، ولا تخليطٌ متفاحش.


(١) ما بين حاصرتين ساقط من الأصول، واستدركناه من مقدمة مسلم (ص ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>