للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٦١٨]- وعَن عَبدِ الله بنِ عَمرٍو قَالَ: حُدِّثتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: صَلاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا نِصفُ الصَّلاةِ. قَالَ: فَأَتَيتُهُ فَوَجَدتُهُ يُصَلِّي جَالِسًا، فَوَضَعتُ يَدِي عَلَى رَأسِهِ فَقَالَ: مَا لَكَ يَا عَبدَ الله بنَ عَمرٍو! ،

ــ

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: صلاة الرجل قاعدًا نصف الصلاة: يعنى في الأجر، مع عدم العذر المانع من القيام (١)، وعليه حمله الثوري وابن الماجشون وابن شعبان. وحمله بعضهم على من رُخِّص له في الصلاة جالسًا من أصحاب الأعذار الذين لو كلفوا ذلك لقدروا على القيام بمشقّة، وهذا يَطَّرد في الفرض والنفل، وهو قول مالك وأحمد وإسحاق، ومنع الشافعي من صلاة الفرض قاعدًا، إلا مع عدم القدرة على القيام، ويجوز ذلك في النفل مع القدرة بالإجماع، وأما من عجز عن القيام لعذرٍ مانع منه فأجره إن شاء الله تعالى تامٌّ كامل؛ لأنه فعل عبادته على كمالها في حقه ولم يقصِّر فيها: {مَن جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشرُ أَمثَالِهَا} وبدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما خرجه الترمذي - وصححه -، من حديث الأربعة النفر حيث قال فيه: إنما الدنيا لأربعة نفر: رجل آتاه الله مالا وعلمًا، فهو يتَقي الله ربه، ويصل به رحمه، ويعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأفضل المنازل، ورجل آتاه الله علمًا ولم يؤته مالا، فهو يقول: لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيّته، فأجرهما سواء (٢)، وهذا نص في الغرض.

وقوله: فوضعت يدي على رأسه: هذا يدل على عظيم تواضع النبي - صلى الله عليه وسلم - وحنانه وحسن أخلاقه، وأنه كان مع خاصة أصحابه فيما يرجع إلى المعاشرة والمخالطة كواحد منهم؛ إذ كان يباسطهم ويمازحهم، ويكون معهم في عملهم، ولا يستأثر عليهم، ولا يترفع عنهم، ولذلك كانت الأمة من إماء أهل المدينة تأخذ


(١) ساقط من (ع).
(٢) رواه الترمذي (٢٣٢٥) من حديث أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>