للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه مسلم (٧٤٧)، وأبو داود (١٣١٣)، والترمذي (٥٨١)، والنسائي (٣/ ٢٥٩)، وابن ماجه (١٣٤٣).

[٦٣٤] وعَن جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَيُّكُم خَافَ أَلا يَقُومَ مِن آخِرِ اللَّيلِ فَليُوتِر، ثُمَّ لِيَرقُد. وَمَن وَثِقَ بِقِيَامٍ مِن اللَّيلِ فَليُوتِر مِن آخِرِهِ، فَإِنَّ قِرَاءَةَ آخِرِ اللَّيلِ مَحضُورَةٌ، وَذَلِكَ أَفضَلُ.

ــ

الليل أفضلُ من صلاة النهار. والحزبُ هنا الجزءُ من القرآن يُصلَّى به. وهذه الفضيلةُ إنما تحصلُ لمن غلبه نوم، أو عذر منعه من القيام مع أن نيَّتَهُ القيام. وقد ذكر مالك في الموطأ عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ما مِن امرئ تكونُ له صلاة بليل فَغَلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجرَ صلاته، وكان نومُه صدقةَ عليه (١)، وهذا أتَمُّ في التَّفضيل والمجازاة بالنية، وظاهِرُه أن له أجرَه مُكملا مُضاعَفًا، وذلك لحسن نيته، وصدق تلهّفه، وتأسّفه. وهذا قولُ بعضِ شيوخنا، وقال بعضُهم: يُحتمل أن يكونَ غيرَ مضاعَفٍ إذ الذي يُصليها أكمل وأفضل.

قلتُ: والظاهِرُ التمسُّكُ بالظَّاهر، فإن الثوابَ فَضلٌ من الكريم الوهاب، وقد تقدَّم من حديث عائشة - رضي الله عنها -: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا غَلَبَهُ نوم، أو وَجَعٌ، صلَّى من النهار اثنتي عشرة ركعة (٢). وهذا كلُّه إنما هو يبقى في تحصيل مثل ما غُلِب عليه، لا أنه قضاءٌ له، إذ ليس في ذمَّته شيء، ولا يُقضَى إلا ما تعلَّق بالذمة، وقد رأى مالك أن يصلِّي حزبه مَن فاته بعد طُلُوع الفجر، وهو عنده وقتُ ضرورة لمن غُلِب على حزبه وفاته. كما يقول في الوتر.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: أيكُم خاف ألَاّ يقومَ من آخر الليل فليوتر ثم ليرقد. . . . إلى


(١) رواه مالك في الموطأ (١/ ١١٧).
(٢) سبق تخريجه برقم (٩٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>