للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: رَفَعْتُ رَأْسِي يَوْمَ أحُد، وَجَعَلْتُ أَنْظُرُ وَمَا مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا يميد (١) تحت جَحَفَتِه مِنَ النُّعَاسِ. لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي قُتَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ، كِلَاهُمَا عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: كُنْتُ فِيمَنْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ النُّعَاسُ -الْحَدِيثَ (٢) .

وَهَكَذَا رُوي عَنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (٣) .

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ؛ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَالَ: غَشِيَنَا النُّعَاسُ وَنَحْنُ فِي مَصَافِّنَا يَوْمَ أحُد، فَجَعَلَ سَيْفِي يَسْقُطُ مِنْ يَدِي وَآخُذُهُ، وَيَسْقُطُ وَآخُذُهُ، قَالَ: وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى الْمُنَافِقُونَ لَيْسَ لَهُمْ هَمٌّ إِلَّا أنفسهُم، أَجْبَنُ قَوْمٍ وَأَرْعَنُهُ، وأخْذَله لِلْحَقِّ {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} كَذَبَةَ، أَهْلُ (٤) شَكٍّ وَرَيْبٍ فِي اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ (٥) .

هَكَذَا رَوَاهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَكَأَنَّهَا مِنْ كَلَامِ قَتَادَةَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {ثُمَّ أَنزلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} يَعْنِي: أَهْلَ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ وَالثَّبَاتِ (٦) وَالتَّوَكُّلِ الصَّادِقِ، وَهُمُ الْجَازِمُونَ بِأَنَّ اللَّهَ سَيَنْصُرُ رَسُولَهُ ويُنْجِز لَهُ مَأْمُولَهُ، وَلِهَذَا قَالَ: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} يَعْنِي: لَا يَغْشَاهُمُ النُّعَاسُ مِنَ الْقَلَقِ وَالْجَزَعِ وَالْخَوْفِ {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا [وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا] (٧) } [الْفَتْحِ:١٢] وَهَكَذَا هَؤُلَاءِ، اعْتَقَدُوا أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا ظَهَرُوا تِلْكَ السَّاعَةِ أنَّها الْفَيْصَلَةُ (٨) وَأَنَّ الْإِسْلَامَ قَدْ بَادَ وأهلُه، هَذَا شَأْنُ أَهْلِ الرَّيْبِ وَالشَّكِّ إِذَا حَصَلَ أَمْرٌ مِنَ الْأُمُورِ الْفَظِيعَةِ، تَحْصُلُ لَهُمْ هَذِهِ الظُّنُونُ الشَّنِيعَةُ.

ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ {يَقُولُونَ} فِي تِلْكَ الْحَالِ: {هَلْ لَنَا مِنَ الأمْرِ مِنْ شَيْءٍ} قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ إِنَّ الأمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ} ثُمَّ فَسر مَا أَخْفَوْهُ فِي أَنْفُسِهِمْ بِقَوْلِهِ: {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} أَيْ: يُسِرُّونَ (٩) هَذِهِ الْمَقَالَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ [مُحَمَّدُ] (١٠) بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ: فَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ (١١) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قَالَ الزُّبَيْرُ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اشْتَدَّ الْخَوْفُ عَلَيْنَا، أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْنَا النَّوْمَ، فَمَا مِنَّا مِنْ رَجُلٍ إِلَّا ذَقْنُهُ فِي صَدْرِهِ، قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنِّي لِأَسْمَعُ قول مُعْتَب بن


(١) في جـ، ر: "يمتد".
(٢) صحيح البخاري (٤٥٦٢، ٤٠٦٨) وسنن الترمذي برقم (٣٠٠٧، ٣٠٠٨) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١١٠٨٠) .
(٣) في ر: "عنهما".
(٤) في جـ، ر، أ، و: "كذبة، إنما هم أهل".
(٥) دلائل النبوة للبيهقي (٣/٢٧٣) .
(٦) في ر: "والبيان".
(٧) زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي هـ: "إلى آخر الآية.
(٨) في ر: "الفضيلة".
(٩) في أ: "أي لا يسرون".
(١٠) زيادة من جـ، ر، أ، و.
(١١) في أ: "عباد الله".

<<  <  ج: ص:  >  >>