للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْ يُخْرَجَ رَحْلُهُ وَيُحْرَقَ عَلَى مَا فِيهِ.

ثُمَّ رُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] (١) قَالَ: الْغَالُّ يُجْمَعُ رَحْلُهُ فَيُحْرَقُ وَيُجْلَدُ دُونَ حَدِّ [الْمَمْلُوكِ، وَيُحْرَمُ نَصِيبَهُ، وَخَالَفَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ فَقَالُوا: لَا يُحْرَقُ مَتَاعُ الْغَالِّ، بَلْ يُعَزَّرُ تَعْزِيرَ مِثْلِهِ، وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَدِ امْتَنَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصَّلَاةِ عَلَى الْغَالِّ وَلَمْ يَحْرِقْ مَتَاعَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ] (٢) .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ خُمَيْر (٣) بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أُمر بِالْمَصَاحِفِ أَنْ تُغَيَّرَ قَالَ: فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَغُلَّ مُصْحَفًا (٤) فلْيغُلُّه، فَإِنَّهُ مَنْ غَلَّ شَيْئًا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ قَالَ (٥) قَرَأْتُ مِنْ فَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ سُورَةً، أَفَأَتْرُكُ مَا أخذتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ (٦) .

وَرَوَى وَكِيع فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: لَمَّا أُمِرَ بِتَحْرِيقِ (٧) الْمَصَاحِفِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، غُلُّوا الْمَصَاحِفَ، فَإِنَّهُ مَنْ غَلّ يَأْتِ بِمَا غَلّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَنِعْمَ الغُل الْمُصْحَفُ. يَأْتِي بِهِ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (٨) .

وَقَالَ [أَبُو] (٩) دَاوُدَ عَنْ سَمُرَة بْنِ جُنْدُب قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَنِمَ غَنِيمَةً أَمَرَ بِلَالًا فَيُنَادِي فِي النَّاسِ، فَيَجيئُون بِغَنَائِمِهِمْ يُخَمِّسُهُ ويُقسمه، فَجَاءَ رَجُلٌ يَوْمًا بَعْدَ النِّدَاءِ بِزِمَامٍ مِنْ شَعْرٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا كَانَ مِمَّا (١٠) أَصَبْنَا (١١) مِنَ الْغَنِيمَةِ. فَقَالَ: "أسَمِعْتَ بِلالا يُنَادِي ثَلَاثًا؟ "، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَمَا مَنَعَكَ أنْ تَجِيء بِه؟ " فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: "كَلا أَنْتَ تَجِيءُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلَنْ أقْبَلَهُ مِنْكَ" (١٢) .

وَقَوْلُهُ: {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} أَيْ: لَا يَسْتَوِي مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ فِيمَا شَرَعَهُ، فَاسْتَحَقَّ رِضْوَانَ اللَّهِ وَجَزِيلَ ثَوَابِهِ وأُجِير مِنْ وَبِيل عِقَابِهِ، وَمَنِ اسْتَحَقَّ غَضَبَ اللَّهِ وَأُلْزِمَ بِهِ، فَلَا مَحِيدَ لَهُ عَنْهُ، وَمَأْوَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ.

وَهَذِهِ لَهَا نَظَائِرُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} [الرَّعْدِ:١٩] وَكَقَوْلِهِ {أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ] (١٣) } [القصص:٦١] .


(١) زيادة من ر.
(٢) زيادة من و.
(٣) في هـ، جـ، ر: "جبير" وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه من المسند (١/٤١٤) . وانظر تعليق أحمد شاكر على الحديث رقم (٣٩٢٩) .
(٤) في جـ، ر، أ، و: "مصحفه".
(٥) في جـ، ر: "قال: ثم قال".
(٦) المسند (١/٤١٤) ورواه ابن أبي داود في المصاحف (ص ٢١) من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق به.
(٧) في أ، و: "بتمزيق".
(٨) ورواه بن أبي داود في المصاحف (ص ٢٢) من طريق وكيع به.
(٩) زيادة من جـ، ر.
(١٠) في جـ، ر، أ: "فيما".
(١١) في ر:، أ: "أصبناه".
(١٢) رواه أبو داود في سننه برقم (٢٧١٢) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاص، وقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله- بأنه عن سمرة بن جندب وهم. وقد ذكر هذا الحديث الحافظ المزي من مسند عبد الله بن عمرو في كتابه القيم "تحفة الأشراف".
(١٣) زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي هـ: "الآية".

<<  <  ج: ص:  >  >>