للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِنُصْرَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْر مِنْ دَوَاءٍ بِنُصْرَةِ النَّاسِ. قَالَ: وَفِيهِ نَزَلَتْ: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ} الْآيَةَ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ (١) .

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرو الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ النَّجَاشِيُّ كُنَّا نُحَدِّث أَنَّهُ لَا يَزَالُ يُرَى عَلَى (٢) قَبْرِهِ نُورٌ (٣) .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} يَعْنِي: مُسْلِمَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ.

وَقَالَ عَباد بْنُ مَنْصُورٍ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ [وَمَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ] } (٤) الْآيَةَ. قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاتَّبَعُوهُ وَعَرَفُوا الْإِسْلَامَ، فَأَعْطَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَجْرَ اثْنَيْنِ (٥) لِلَّذِي (٦) كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ (٧) قَبْلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالَّذِي اتَّبَعُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَاهُمَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثَةٌ يُؤتَوْنَ أجرَهم مَرَّتَيْنِ" فَذَكَرَ مِنْهُمْ: "وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِي" (٨) .

وَقَوْلُهُ: {لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا} أَيْ: لَا يَكْتُمُونَ مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْعِلْمِ، كَمَا فَعَلَهُ الطَّائِفَةُ الْمَرْذُولَةُ مِنْهُمْ (٩) بَلْ يَبْذُلُونَ ذَلِكَ مَجَّانًا؛ وَلِهَذَا قَالَ: {أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}

قَالَ مُجَاهِدٌ: {سَرِيعُ الْحِسَابِ} يَعْنِي: سَرِيعَ الْإِحْصَاءِ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ.

وَقَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ: أُمِرُوا أَنْ يَصْبِرُوا عَلَى دِينِهِمُ الَّذِي ارْتَضَاهُ اللَّهُ لَهُمْ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ، فَلَا يَدْعُوهُ لِسَرَّاءَ وَلَا لضرّاءَ وَلَا لشِدَّة وَلَا لرِخَاء، حَتَّى يَمُوتُوا مُسْلِمِينَ، وَأَنْ يُصَابِرُوا الْأَعْدَاءَ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ (١٠) دِينَهُمْ. وَكَذَلِكَ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ.

وَأَمَّا الْمُرَابَطَةُ فَهِيَ الْمُدَاوَمَةُ فِي مَكَانِ الْعِبَادَةِ وَالثَّبَاتِ. وَقِيلَ: انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصلاة، قاله [مجاهد و] (١١) ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيف، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرَظي، وَغَيْرُهُمْ.

وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ هَاهُنَا الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ، مَوْلَى الحُرَقَة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم قال: "ألا


(١) المستدرك (٢/٣٠٠) وأقره الذهبي.
(٢) في جـ، أ: "في".
(٣) سنن أبي داود بررقم (٢٥٢٣) .
(٤) زيادة من جـ، ر، أ، و.
(٥) في جـ، ر: "إحدى اثنتين".
(٦) في أ: "للذين".
(٧) في جـ، ر، أ، و: "الإسلام".
(٨) صحيح البخاري برقم (٩٧) وصحيح مسلم برقم (١٥٤) .
(٩) في أ: "بينهم".
(١٠) في ر، أ، و، "يملون".
(١١) زيادة من و.

<<  <  ج: ص:  >  >>