للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ نَارٍ تُطْبِقُ عَلَيْهِمْ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَشَجِّ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنِ ابن مسعود: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ} قَالَ: فِي تَوَابِيتَ مِنْ حَدِيدٍ مُبْهَمَةٍ عَلَيْهِمْ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: (مُبْهَمَةٍ) أَيْ: مُغْلَقَةٍ مُقْفَلَةٍ لَا يُهْتَدَى لِمَكَانِ فَتْحِهَا.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ (١) عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ سُئِلَ عَنِ الْمُنَافِقِينَ، فَقَالَ: يُجْعَلُونَ فِي تَوَابِيتَ مِنْ نَارٍ، فَتُطْبَقُ عَلَيْهِمْ فِي أَسْفَلِ دَرَكٍ مِنَ النَّارِ.

{وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} أَيْ: يُنْقِذَهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ، وَيُخْرِجَهُمْ مِنْ أَلِيمِ الْعَذَابِ.

ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ مَنْ تَابَ [مِنْهُمْ] (٢) فِي الدُّنْيَا تَابَ عَلَيْهِ (٣) وقَبِلَ نَدَمَهُ إِذَا أَخْلَصَ فِي تَوْبَتِهِ وَأَصْلَحَ عَمَلَهُ، وَاعْتَصَمَ بِرَبِّهِ فِي جَمِيعِ أَمْرِهِ، فَقَالَ: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ} أَيْ: بَدَّلوا الرِّيَاءَ بِالْإِخْلَاصِ، فَيَنْفَعُهُمُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَإِنَّ قَلَّ.

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قِرَاءَةً، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْر، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْران، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَخْلِصْ دِينَكَ، يَكْفِكَ الْقَلِيلُ مِنَ الْعَمَلِ" (٤) .

{فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} أَيْ: فِي زُمْرَتِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}

ثُمَّ قَالَ مُخْبِرًا عَنْ غِنَاهُ عَمَّا سِوَاهُ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا يُعَذِّبُ الْعِبَادَ بِذُنُوبِهِمْ، فَقَالَ: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} أَيْ: أَصْلَحْتُمِ الْعَمَلَ وَآمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، {وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} أَيْ: مَنْ شَكَرَ شَكَرَ لَهُ وَمَنْ آمَنَ قَلْبُهُ بِهِ عَلِمَهُ، وَجَازَاهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْفَرَ الْجَزَاءِ.


(١) في ر، أ: "زيد".
(٢) زيادة من أ.
(٣) في أ: "عليهم".
(٤) ورواه الحاكم في المستدرك (١/٥٧٠) وأبو نعيم في الحلية (١/٢٤٤) وابن أبي الدنيا في الإخلاص برقم (٧٩) من طريق عمرو بن مرة به، وفي إسناده انقطاع بين عمرو بن مرة ومعاذ فإنه لم يسمع منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>