للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ -ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ مَنْصُورٍ، بِهِ. وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَوَانة، عَنْ مَنْصُورٍ، بِهِ (١) .

وَمِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَأَمْثَالِهَا ذَهَبَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ إِلَى وُجُوبِ الضِّيَافَةِ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الْحَدِيثُ الذِي رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ البزَّار.

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنْ لِي جَارًا يُؤْذِينِي، فَقَالَ لَهُ: "أَخْرِجْ مَتَاعَكَ فَضَعْهُ عَلَى الطَّرِيقِ". فَأَخَذَ الرَّجُلُ مَتَاعَهُ فَطَرَحَهُ عَلَى الطَّرِيقِ، فَجَعَلَ كُلُّ مَنْ مَرَّ بِهِ قَالَ: مَالَكَ؟ قَالَ: جَارِي يُؤْذِينِي. فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، اللَّهُمَّ أَخْزِهِ! قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: ارْجِعْ إِلَى مَنْزِلِكَ، وَقَالَ (٢) لَا أُوذِيكَ أَبَدًا".

وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ، عَنْ أَبِي تَوْبَةَ الرَّبِيعِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيَّانَ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ بِهِ (٣) .

ثُمَّ قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَرَوَاهُ أَبُو جُحَيفة وَهْبُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (٤) .

وَقَوْلُهُ: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} أَيْ: إِنْ تُظْهِرُوا -أَيُّهَا النَّاسُ-خَيْرًا، أَوْ أَخْفَيْتُمُوهُ، أَوْ عَفَوْتُمْ عَمَّنْ أَسَاءَ إِلَيْكُمْ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُقَرِّبُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَيُجْزِلُ ثَوَابَكُمْ لَدَيْهِ، فَإِنَّ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى أَنْ يَعْفُوَ عَنْ عِبَادِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى عِقَابِهِمْ. وَلِهَذَا قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} ؛ وَلِهَذَا وَرَدَ فِي الْأَثَرِ: أَنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ اللَّهَ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: سُبْحَانَكَ عَلَى حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ. وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: سُبْحَانَكَ عَلَى عَفْوِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "مَا نَقَصَ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلَا (٥) زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ الله" (٦) .


(١) المسند (٤/١٣٠-١٣٣) وسنن أبي داود برقم (٣٧٥٠)
(٢) في د: "والله".
(٣) سنن أبي داود برقم (٥١٥٣) ورواه الحاكم في المستدرك (٤/١٦٥) من طريق صفوان بن عيس به، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه وهو على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
(٤) أما حديث أبي جحيفة فرواه البزار في مسنده برقم (١٩٠٣) "كشف الأستار". قال الهيثمي في المجمع (٨/١٧٠) : "فيه أبو عمر المنيهي تفرد عنه شريك وبقية رجاله ثقات.
(٥) في د: "وما".
(٦) رواه مسلم في صحيحه برقم (٢٥٨٨) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>