للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كُلَّمَا دَخَلَ بَابًا أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ، حَتَّى أَفْضَى إِلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ عِنْدَهَا غُلَامٌ وَبَاطِيَةُ خَمْرٍ، فَقَالَتْ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا دَعَوْتُكَ لِشَهَادَةٍ وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَليّ أَوْ تَقْتُلَ هَذَا الْغُلَامَ، أَوْ تَشْرَبَ هَذَا الْخَمْرَ. فَسَقَتْهُ كَأْسًا، فَقَالَ: زِيدُونِي، فَلَمْ يَرِم حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا، وَقَتَلَ النَّفْسَ، فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا لَا تَجْتَمِعُ هِيَ وَالْإِيمَانُ أَبَدًا إِلَّا أَوْشَكَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُخْرِجَ صَاحِبَهُ.

رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (١) وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ. وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِهِ "ذَمُّ الْمُسْكِرِ" عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيع، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهِ مَرْفُوعًا (٢) وَالْمَوْقُوفُ أَصَحُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَهُ شَاهِدٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ سَرِقَةً حِينَ يَسْرِقُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ". (٣)

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، أَخْبَرْنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِماك، عَنْ عِكْرِمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ قَالَ أُنَاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصْحَابُنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يَشْرَبُونَهَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الْآيَةَ. قَالَ: وَلَمَّا حُوّلت الْقِبْلَةُ قَالَ أُنَاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصْحَابُنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ (٤) } [الْبَقَرَةِ:١٤٣] .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ مِهْران الدَّبَّاغُ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ -يَعْنِي الْعَطَّارَ-عَنِ ابْنِ خُثَيْم، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَب، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "من شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ يَرْضَ اللَّهُ عَنْهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، إِنْ مَاتَ مَاتَ كَافِرًا، وَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ. وَإِنْ عَادَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ من طِينة الخَبَال". قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: "صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ". (٥)

وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قِيلَ لِي: أَنْتَ مِنْهُمْ".

وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ طَرِيقِهِ. (٦)

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الْهِجْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِيَّاكُمْ وَهَاتَانِ الْكَعْبَتَانِ الْمُوَسَّمَتَانِ اللتان تزجران (٧) زجرًا، فإنهما مَيْسِر العَجَم". (٨)


(١) السنن الكبرى (٨/٢٨٧) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يزيد، عن الزهري به. وقد خولف يونس بن يزيد خالفه عمر بن سعيد بن السرحة، فرواه عن الزهري مرفوعا، كما سيأتي في رواية ابن أبي الدنيا.
(٢) ذم المسكر برقم (١) ورواية يونس بن يزيد أرجح من رواية عمر بن سعيد بن السرحة، فقد لينه بعض الأئمة. قالوا: "وأحاديثه عن الزهري ليست بمستقيمة".
(٣) صحيح البخاري برقم (٦٨١٠) وصحيح مسلم برقم (٥٧) .
(٤) المسند (١/٢٩٥) .
(٥) المسند (٦/٤٦٠) وقال الهيثمي في المجمع (٥/٦٩) : "فيه شهر بن حوشب وهو ضعيف وقد حسن حديثه، وبقية رجاله ثقات".
(٦) صحيح مسلم برقم (٢٤٥٩) وسنن الترمذي برقم (٣٠٥٣) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١١٥٣) .
(٧) في ر: "الموسمتان الذين يزجران" وهذا على لغة من يلزم المثنى الألف.
(٨) المسند (١/٤٤٦) وفي إسناده إبراهيم بن مسلم الهجري ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>