للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا هُوَ ذَنْبٌ أَذْنَبَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَلَكِنْ يَفْتَدِي. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ. (١)

وَقِيلَ مَعْنَاهُ: فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ بِالْكَفَّارَةِ. قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءٌ.

ثُمَّ الْجُمْهُورُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، عَلَى أَنَّهُ مَتَى قَتَلَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ وَجَبَ الْجَزَاءُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ (٢) وَإِنْ تَكَرَّرَ مَا تَكَرَّرَ، سَوَاءٌ الْخَطَأُ فِي ذَلِكَ وَالْعَمْدُ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنَ الصَّيْدِ خَطَأً، وَهُوَ مُحْرِمٌ، يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِيهِ كُلَّمَا قَتَلَهُ، وَإِنْ قَتْلَهُ عَمْدًا يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِيهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَإِنْ عَادَ يُقَالُ لَهُ: يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْكَ كَمَا قَالَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ جَمِيعًا، عَنْ هِشَامٍ -هُوَ ابْنُ حَسَّانٍ-عَنْ عِكْرِمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَنْ أَصَابَ صَيْدًا فحُكم (٣) عَلَيْهِ ثُمَّ عَادَ، قَالَ: لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ، يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ.

وَهَكَذَا قَالَ شُرَيْح، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِي. رَوَاهُنَّ ابْنُ جَرِيرٍ، ثُمَّ اخْتَارَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا المُعْتَمِر بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَيْدٍ أَبِي الْمُعَلَّى، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ؛ أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ صَيْدًا، فَتَجَوَّزَ عَنْهُ، ثُمَّ عَادَ فَأَصَابَ صَيْدًا آخَرَ، فَنَزَلَتْ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَأَحْرَقَتْهُ فَهُوَ قَوْلُهُ: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ}

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي قَوْلِهِ: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} يَقُولُ عَزَّ ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ مَنِيعٌ فِي سُلْطَانِهِ لَا يَقْهَرُهُ قَاهِرٌ، وَلَا يَمْنَعُهُ مِنَ الِانْتِقَامِ مِمَّنِ انْتَقَمَ مِنْهُ، وَلَا مِنْ عُقُوبَةِ مَنْ أَرَادَ عُقُوبَتَهُ مَانِعٌ؛ لِأَنَّ الْخَلْقَ خَلْقُهُ، وَالْأَمْرَ أَمْرُهُ، لَهُ الْعِزَّةُ وَالْمَنَعَةُ.

وَقَوْلُهُ: {ذُو انْتِقَامٍ} يَعْنِي: أَنَّهُ ذُو مُعَاقَبَةٍ لِمَنْ عَصَاهُ على معصيته إياه.


(١) تفسير الطبري (١١/٤٨) .
(٢) في ر: "والثانية والثالثة".
(٣) في د، ر: "يحكم".

<<  <  ج: ص:  >  >>