للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَمَرْتُكَ وَحَرَامٌ أَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ. وَتَقْدِيرُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: وَمَا يُدْرِيكُمْ -أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ تَوَدُّونَ لَهُمْ ذَلِكَ حِرْصًا عَلَى إِيمَانِهِمْ -أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْهُمُ الْآيَاتُ يُؤْمِنُونَ (١)

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: "أَنَّهَا" بِمَعْنَى لَعَلَّهَا.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَذَكَرُوا أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. قَالَ: وَقَدْ ذُكِرَ عَنِ الْعَرَبِ سَمَاعًا: "اذْهَبْ إِلَى السُّوقِ أَنَّكَ تَشْتَرِي لِي (٢) شَيْئًا" بِمَعْنَى: لَعَلَّكَ تَشْتَرِي.

قَالَ: وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ قَوْلَ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْعَبَّادِيِّ مِنْ هَذَا:

أَعَاذِلُ مَا يُدْريك أَنَّ مَنيَّتي ... إِلَى سَاعَةٍ فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي ضُحَى الغَد (٣)

وَقَدِ اخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ جَرِيرٍ وَذَكَرَ عَلَيْهِ شَوَاهِدَ مِنْ أَشْعَارِ الْعَرَبِ وَاللَّهُ [تَعَالَى] (٤) أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} قَالَ العَوفي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: لَمَّا جَحَدَ الْمُشْرِكُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَمْ تَثْبُتْ قُلُوبُهُمْ عَلَى شَيْءٍ ورُدَّت عَنْ كُلِّ أَمْرٍ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ [كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ] } (٥) وَنَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ، فَلَا يُؤْمِنُونَ، كَمَا حُلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ أَوَّلَ مَرَّةٍ.

وَكَذَا قَالَ عِكْرِمة وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَ اللَّهُ مَا الْعِبَادُ قَائِلُونَ قَبْلَ أَنْ يَقُولُوهُ وَعَمَلَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلُوهُ. قَالَ: {وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فَاطِرَ: ١٤] ، [وَقَالَ] (٦)

{أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ [وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ. أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ. أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ] (٧) لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الزُّمَرِ: ٥٦ -٥٨] فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ لَوْ رُدُّوا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْهُدَى، وَقَالَ: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الْأَنْعَامِ: ٢٨] ، وَقَالَ {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} قَالَ: لَوْ رُدُّوا إِلَى الدُّنْيَا لَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْهُدَى، كَمَا حُلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُمْ فِي الدُّنْيَا. وَقَوْلُهُ: {وَنَذَرُهُمْ} أَيْ: نَتْرُكُهُمْ {فِي طُغْيَانِهِمْ} (٨) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ والسُّدِّي: فِي كُفْرِهِمْ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَقَتَادَةُ: فِي ضَلَالِهِمْ.

{يَعْمَهُونَ} قَالَ الْأَعْمَشُ: يَلْعَبُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَالرَّبِيعُ، وَأَبُو مَالِكٍ، وَغَيْرُهُ: فِي كفرهم يترددون.


(١) في م: "لا يؤمنون".
(٢) في أ: "لنا".
(٣) تفسير الطبري (١٢/٤١)
(٤) زيادة من أ.
(٥) زيادة من أ.
(٦) زيادة من أ.
(٧) زيادة من م، أ، وفي هـ: "إلى قوله".
(٨) في م، أ: "فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ".

<<  <  ج: ص:  >  >>