للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} أَيْ: يُرْدفُ بعضُهم بَعْضًا، كَمَا قَالَ هَارُونُ بْنُ عَنْتَرَةَ (١) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {مُرْدِفِينَ} مُتَتَابِعِينَ.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ [يَكُونَ] (٢) الْمُرَادُ {مُرْدِفِينَ} لَكُمْ، أَيْ: نَجْدَةً لَكُمْ، كَمَا قَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {مُرْدِفيِنَ} يَقُولُ: المدَدَ، كَمَا تَقُولُ: ائْتِ الرَّجُلَ فَزِدْهُ كَذَا وَكَذَا.

وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَابْنُ كَثِيرٍ الْقَارِئُ، وَابْنُ زَيْدٍ: {مُرْدِفِينَ} مُمَدِّينَ.

وَقَالَ أَبُو كُدَيْنة، عَنْ قَابُوسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} قَالَ: وَرَاءَ كُلِّ مَلَكٍ مَلَكٌ.

وَفِي رِوَايَةٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: {مُرْدِفِينَ} قَالَ: بَعْضُهُمْ عَلَى أَثَرِ بَعْضٍ. وَكَذَا قَالَ أَبُو ظِبْيَان، وَالضَّحَّاكُ، وقَتَادَةُ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، عَنِ الزَّمْعِي، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْر، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: نَزَلَ جِبْرِيلُ فِي أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَنْ مَيْمَنَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَنَزَلَ مِيكَائِيلُ فِي أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَنْ مَيْسَرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا فِي الْمَيْسَرَةِ.

وَهَذَا يَقْتَضِي -لَوْ صَحَّ إِسْنَادُهُ -أَنَّ الْأَلْفَ مُرْدَفَةٌ بِمِثْلِهَا؛ وَلِهَذَا قَرَأَ بَعْضُهُمْ: "مُرْدَفِين" بِفَتْحِ الدَّالِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْمَشْهُورُ مَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَأَمَدَّ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَكَانَ جِبْرِيلُ فِي خَمْسِمِائَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُجَنِّبة، وَمِيكَائِيلُ فِي خَمْسِمِائَةٍ مُجَنِّبة.

وَرَوَى الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ، وَمُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي زُمَيل سِمَاك بْنِ وَلِيدٍ الحَنَفي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ، الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ. ثُمَّ قَالَ أَبُو زُمَيل (٣) حَدَّثَنِي (٤) ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ، وصوتَ الْفَارِسِ يَقُولُ: "أَقْدِمْ حَيْزُوم (٥) إِذْ نَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ، فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِم أَنْفُهُ، وشُقَّ وَجْهُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ، فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ، فَجَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَحَدَّثَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "صدقتَ، ذَلِكَ (٦) مِنْ مَدَد السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ"، فقَتَلوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: "بَابُ شُهُودِ الْمَلَائِكَةِ بَدْرًا ": حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفاعة بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقي، عَنْ أَبِيهِ -وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ -قَالَ: جَاءَ جبريل


(١) في أ: "هبيرة".
(٢) زيادة من أ.
(٣) في م: "أبو زميل سماك بن الوليد الحنفي".
(٤) في م: "عن".
(٥) في م: "حزوم".
(٦) في د، ك، م: "ذاك".

<<  <  ج: ص:  >  >>