للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ: لِرَجُلٍ أجْر، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ؛ فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ -أَوْ: رَوْضَةٍ -فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ -أَوْ: الرَّوْضَةِ -كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ، كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ؛ فَهِيَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَجْرٌ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تغنِّيًا وَتَعَفُّفًا، وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلَا ظُهُورِهَا، فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ". وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحُمُرِ فَقَالَ: "مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا هَذِهِ الْآيَةَ الْجَامِعَةَ الْفَاذَّةَ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزَّلْزَلَةِ: ٧، ٨] .

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ -وَهَذَا لَفْظُهُ -وَمُسْلِمٌ، كِلَاهُمَا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ (١)

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الرُّكَيْن بْنِ الرَّبِيعِ (٢) عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَسَّانَ؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ: فَفَرَسٌ لِلرَّحْمَنِ، وَفَرَسٌ لِلشَّيْطَانِ، وَفَرَسٌ لِلْإِنْسَانِ، فَأَمَّا فَرَسُ الرَّحْمَنِ فَالَّذِي يُرْبَطُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَعَلَفُهُ وَرَوْثُهُ وَبَوْلُهُ، وَذَكَرَ مَا شَاءَ اللَّهُ. وَأَمَّا فَرَسُ الشَّيْطَانِ فَالَّذِي يُقَامَرُ أَوْ يُرَاهَنُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا فَرَسُ الْإِنْسَانِ فَالْفَرَسُ يَرْتَبِطُهَا الْإِنْسَانُ يَلْتَمِسُ بَطْنَهَا، فَهِيَ سَتْرٌ مِنْ فَقْرٍ" (٣)

وَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الرَّمْيَ أَفْضَلُ مِنْ رُكُوبِ الْخَيْلِ، وَذَهَبَ الْإِمَامُ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الرُّكُوبَ أَفْضَلُ مِنَ الرَّمْيِ، وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ أَقْوَى لِلْحَدِيثِ، واللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ وَهِشَامٌ (٤) قَالَا حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ شُمَاسَةَ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ حُدَيْجٍ (٥) مَرَّ عَلَى أَبِي ذَرٍّ، وَهُوَ قَائِمٌ عِنْدَ فَرَسٍ لَهُ، فَسَأَلَهُ مَا تُعَالِجُ مِنْ فَرَسِكَ هَذَا؟ فَقَالَ: إِنِّي أَظُنُّ أَنَّ هَذَا الْفَرَسَ قَدِ اسْتُجِيبَ لَهُ دَعْوَتُهُ! قَالَ: وَمَا دُعَاءُ بَهِيمَةٍ مِنَ الْبَهَائِمِ؟ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ فَرَسٍ إِلَّا وَهُوَ يَدْعُو كُلَّ سَحَرٍ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ، أَنْتَ خَوَّلْتَنِي عَبْدًا مِنْ عِبَادِكَ، وَجَعَلْتَ رِزْقِي بِيَدِهِ، فَاجْعَلْنِي أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ (٦)

قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ؛ حَدَّثَنِي يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سُوَيْد بْنِ قَيْسٍ؛ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ (٧) ؛ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: "إنه


(١) الموطأ (٢/٤١٤) ومن طريقه، رواه البخاري في صحيحه برقم (٢٣٧١) وأما مسلم فرواه من طريق حفص بن ميسرة عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ به برقم (٩٨٧) .
(٢) في ك: "الربيع بن الركين".
(٣) المسند (١/٣٩٥) .
(٤) في ك، أ: "هاشم".
(٥) في أ: "خديج".
(٦) المسند (٥/١٦٢) .
(٧) في أ: "خديج".

<<  <  ج: ص:  >  >>