للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حُمَيْدٍ الْخَرَّاطِ، بِهِ. (١)

وَقَدْ قَالَ بِأَنَّهُ مَسْجِدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.

وَقَوْلُهُ: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسَاجِدِ الْقَدِيمَةِ الْمُؤَسَّسَةِ مِنْ أَوَّلِ بِنَائِهَا عَلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَعَلَى اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ مَعَ جَمَاعَةِ الصَّالِحِينَ، وَالْعِبَادِ الْعَامِلِينَ الْمُحَافِظِينَ عَلَى إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ، وَالتَّنَزُّهِ عَنْ (٢) مُلَابَسَةِ الْقَاذُورَاتِ.

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، سَمِعْتُ شَبِيبًا أَبَا رَوْحٍ يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ فَقَرَأَ بِهِمُ (٣) الرُّومَ فَأَوْهَمَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: "إِنَّهُ يَلْبَسُ عَلَيْنَا الْقُرْآنُ، إِنْ أَقْوَامًا مِنْكُمْ يُصَلُّونَ مَعَنَا لَا يُحْسِنُونَ الْوُضُوءَ، فَمَنْ شَهِدَ الصَّلَاةَ مَعَنَا فَلْيُحْسِنِ الْوُضُوءَ".

ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ آخَرَيْنِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ شَبِيبٍ أَبِي رَوْحٍ مِنْ ذِي الكَلاع: أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَهُ (٤) فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ إِكْمَالَ الطَّهَارَةِ يُسَهِّلُ الْقِيَامَ فِي الْعِبَادَةِ، وَيُعِينُ عَلَى إِتْمَامِهَا وَإِكْمَالِهَا وَالْقِيَامِ بِمَشْرُوعَاتِهَا.

وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} إِنَّ الطَّهُورَ بِالْمَاءِ لَحَسَنٌ، وَلَكِنَّهُمُ الْمُطَّهِّرُونَ مِنَ الذُّنُوبِ.

وَقَالَ الْأَعْمَشُ: التَّوْبَةُ مِنَ الذَّنْبِ، وَالتَّطْهِيرُ مِنَ الشِّرْكِ.

وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ مِنْ طُرُقٍ، فِي السُّنَنِ وَغَيْرِهَا، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لِأَهْلِ قُبَاءٍ: "قَدْ أَثْنَى اللَّهُ عَلَيْكُمْ فِي الطَّهُورِ، فَمَاذَا تَصْنَعُونَ؟ " فَقَالُوا: نَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ.

وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ أَبِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ قُبَاءٍ. {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} فَسَأَلَهُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: إِنَّا نُتْبِعُ الْحِجَارَةَ الْمَاءَ.

ثُمَّ قَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ولم يرو عنه سوى ابنه. (٥)


(١) صحيح مسلم برقم (١٣٩٨) .
(٢) في ت، ك، أ: "من".
(٣) في ت، أ: "فيها".
(٤) المسند (٣/٤٧١، ٤٧٢) .
(٥) مسند البزار برقم (٢٤٧) وقال الهيثمي في المجمع (١/٢١٢) : "فيه محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري ضعفه البخاري والنسائي وهو الذي أشار بجلد مالك".

<<  <  ج: ص:  >  >>