للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: أَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَتَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ" (١) وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "إِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقَكُمْ إِلَّا عِنْدَ الْخَلَاءِ وَعِنْدَ الْجِمَاعِ، فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ" (٢) .

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} وَالْمُعَقِّبَاتُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَهِيَ الْمَلَائِكَةُ.

وَقَالَ عِكْرِمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} قَالَ: مَلَائِكَةٌ يَحْفَظُونَهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمَنْ خَلْفِهِ، فَإِذَا جَاءَ قَدَرُ اللَّهِ خَلَّوا عَنْهُ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا لَهُ (٣) مَلَك مُوَكَّلٌ، يَحْفَظُهُ فِي نَوْمِهِ وَيَقَظَتِهِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْهَوَامِّ، فَمَا مِنْهَا شَيْءٌ يَأْتِيهِ يُرِيدُهُ إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: وَرَاءَكَ إِلَّا شَيْءٌ يَأْذَنُ اللَّهُ فِيهِ فَيُصِيبُهُ.

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} قَالَ: ذَلِكَ (٤) مَلِكٌ مَنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا، لَهُ حَرَسٌ مَنْ دُونِهِ حَرَسٌ.

وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} يَعْنِي: وَلِيَّ الشَّيْطَانِ، يَكُونُ عَلَيْهِ الْحَرَسُ. وَقَالَ عِكْرِمة فِي تَفْسِيرِهَا: هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءُ: الْمَوَاكِبُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمَنْ خَلْفِهِ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} قَالَ: هُوَ السُّلْطَانُ (٥) الْمُحْتَرِسُ (٦) مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَهُمْ أَهْلُ الشِّرْكِ.

وَالظَّاهِرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّ مُرَاد ابْنِ عَبَّاسٍ وعِكْرِمة وَالضَّحَّاكِ بِهَذَا أَنَّ حَرْسَ الْمَلَائِكَةِ لِلْعَبِيدِ (٧) يُشْبِهُ حَرْسَ هَؤُلَاءِ لِمُلُوكِهِمْ وَأُمَرَائِهِمْ.

وَقَدْ روى الإمام أبو جعفر ابن جَرِيرٍ هَاهُنَا حَدِيثًا غَرِيبًا جِدًّا فَقَالَ:

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ صَالِحٍ الْقُشَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ كِنَانَةَ الْعَدَوِيِّ قَالَ: دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْعَبْدِ، كَمْ مَعَهُ مَنْ مَلَكٍ (٨) ؟ فَقَالَ: "مَلَكٌ عَلَى يَمِينِكَ عَلَى حَسَنَاتِكَ، وَهُوَ آمِرٌ (٩) عَلَى الَّذِي عَلَى الشِّمَالِ، إِذَا عَمِلْتَ حَسَنَةً كُتِبَتْ عَشْرًا، فَإِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً قَالَ الَّذِي عَلَى الشِّمَالِ لِلَّذِي عَلَى الْيَمِينِ: أَكْتُبُ؟ قَالَ: لَا لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ. فَإِذَا قَالَ ثلاثا قال:


(١) صحيح البخاري برقم (٥٥٥، ٧٤٢٩) وصحيح مسلم برقم (٦٣٢) .
(٢) رواه الترمذي في السنن برقم (٢٨٠٠) من طريق لَيْثٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه، مرفوعا، وأوله: "إياكم والتحري فإن معكم". الحديث. وقال التِّرْمِذِيُّ: "هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ".
(٣) في ت، أ: "به".
(٤) في ت، أ: "ذكر".
(٥) في ت: "الشيطان".
(٦) في أ: "المحروس".
(٧) في ت، أ: "للعبد".
(٨) في ت، أ: "كم ملك معه".
(٩) في ت، أ: "وهو أمين".

<<  <  ج: ص:  >  >>