للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ عُبَيْد بْنُ عُمَير اللَّيْثِيُّ: يَبْعَثُ اللَّهُ المُبشرّة فتَقمُّ الأرض قَمًّا ثم بعث اللَّهُ الْمُثِيرَةَ (١) فَتُثِيرُ السَّحَابَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ الْمُؤَلِّفَةَ فَتُؤَلِّفُ السَّحَابَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ اللَّوَاقِحَ فَتُلَقِّحُ الشَّجَرَ، ثُمَّ تَلَا {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ}

وَقَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ حَدِيثِ عُبَيْس (٢) بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي المُهَزَّم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الرِّيحُ الْجَنُوبُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَهِيَ [الرِّيحُ اللَّوَاقِحُ، وَهِيَ الَّتِي] (٣) ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَفِيهَا مَنَافِعُ لِلنَّاسِ" (٤) وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الحُمَيدي فِي مَسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ جُعْدبة اللَّيْثِيُّ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مِخْراق، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ فِي الْجَنَّةِ رِيحًا بَعْدَ الرِّيحِ بِسَبْعِ سِنِينَ، وَإِنَّ مِنْ دُونِهَا بَابًا مُغْلَقًا، وَإِنَّمَا يَأْتِيكُمُ الرِّيحُ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ، وَلَوْ فُتِحَ لَأَذْرَتْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ، وَهِيَ عِنْدَ اللَّهِ الأزَيبُ، وَهِيَ فِيكُمُ الْجَنُوبُ" (٥)

وَقَوْلُهُ: {فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ} أَيْ: أَنْزَلْنَاهُ لَكُمْ عَذْبًا يُمكنكم أَنْ تَشْرَبُوا مِنْهُ، وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ أُجَاجًا. كَمَا يُنَبِّهُ اللَّهُ (٦) عَلَى ذَلِكَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى فِي سُورَةِ "الْوَاقِعَةِ"، وَهُوَ (٧) قَوْلُهُ: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنزلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ} [الْوَاقِعَةِ: ٦٨-٧٠] وَفِي قَوْلِهِ: {هُوَ الَّذِي أَنزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} [النَّمْلِ: ١٠]

وَقَوْلُهُ: {وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: بِمَانِعِينَ.

وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ: وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِحَافِظِينَ، بَلْ نَحْنُ نُنَزِّلُهُ وَنَحْفَظُهُ عَلَيْكُمْ، وَنَجْعَلُهُ مَعِينًا وَيَنَابِيعَ (٨) فِي الْأَرْضِ، وَلَوْ شَاءَ تَعَالَى لَأَغَارَهُ وَذَهَبَ بِهِ، وَلَكِنْ مِنْ رَحْمَتِهِ أَنْزَلَهُ وَجَعْلِهِ عَذْبًا، وَحَفِظَهُ فِي الْعُيُونِ وَالْآبَارِ وَالْأَنْهَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. لِيَبْقَى لَهُمْ فِي طُولِ السَّنَةِ، يَشْرَبُونَ وَيَسْقُونَ أَنْعَامَهُمْ وَزُرُوعَهُمْ وَثِمَارَهُمْ.

وَقَوْلُهُ: {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ} إِخْبَارٌ عَنْ قُدْرَتِهِ تَعَالَى عَلَى بَدْءِ الْخَلْقِ وَإِعَادَتِهِ، وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَحْيَا الْخَلْقَ مِنَ الْعَدَمِ، ثُمَّ يُمِيتُهُمْ ثُمَّ يَبْعَثُهُمْ (٩) كُلَّهُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ.

وَأَخْبَرَ أَنَّهُ، تَعَالَى، يَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْهِ يَرْجِعُونَ.

ثُمَّ قَالَ مُخْبِرًا عَنْ تَمَامِ عِلْمِهِ بِهِمْ، أَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ: {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ}


(١) في ت: "الميثرة".
(٢) في ت: "عنبس".
(٣) زيادة من ت، أ، والطبري.
(٤) تفسير الطبري (١٤/١٥) .
(٥) مسند الحميدي (١/٧١) وفي إسناده يزيد بن جعدبة كذبه مالك وغيره.
(٦) في ت، أ: "تعالى".
(٧) في ت: "وهي".
(٨) في ت: "وينابع".
(٩) في ت: "يبعث".

<<  <  ج: ص:  >  >>