للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَيْلَةَ أُسْرِيَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، كَانَ (١) بَيْنَ الْمَقَامِ وَزَمْزَمَ، جِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِهِ، فَطَارَ بِهِ حَتَّى بَلَغَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ (٢) ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: سَمِعْتُ تَسْبِيحًا فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلَى مَعَ تَسْبِيحٍ كَثِيرٍ: سَبَّحَتِ السَّمَاوَاتُ الْعُلَى مِنْ ذِي الْمَهَابَةِ مُشْفِقَاتٍ لِذِي الْعُلُوِّ بِمَا عَلَا سُبْحَانَ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (٣) .

وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} أَيْ: وَمَا مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِ اللَّهِ (٤) {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} أَيْ: لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ أَيُّهَا النَّاسُ؛ لِأَنَّهَا بِخِلَافِ لُغَتِكُمْ. وَهَذَا عَامٌّ فِي الْحَيَوَانَاتِ (٥) وَالنَّبَاتِ وَالْجَمَادِ، وَهَذَا أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤكل (٦) .

وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ (٧) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ فِي يَدِهِ حَصَيَاتٍ، فَسُمِعَ لَهُنَّ تَسْبِيحٌ كَحَنِينِ النَّحْلِ، وَكَذَا يَدُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ [أَجْمَعِينَ] (٨) ، وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ فِي الْمَسَانِيدِ (٩) .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهيعة، حَدَّثَنَا زَبَّان، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَرّ عَلَى قَوْمٍ وَهُمْ وُقُوفٌ عَلَى دَوَابٍّ لَهُمْ وَرَوَاحِلَ، فَقَالَ لَهُمْ: "ارْكَبُوهَا سَالِمَةً، وَدَعُوهَا سَالِمَةً، وَلَا تَتَّخِذُوهَا كَرَاسِيَّ لِأَحَادِيثِكُمْ فِي الطُّرُقِ وَالْأَسْوَاقِ، فَرُبَّ مَرْكُوبَةٍ خَيْرٌ مِنْ رَاكِبِهَا، وَأَكْثَرُ ذِكْرًا لِلَّهِ مِنْهُ" (١٠) .

وَفِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ الضُّفْدَعِ، وَقَالَ: "نَقِيقُهَا تَسْبِيحٌ" (١١) .

وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابِي (١٢) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"، فَهِيَ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ الَّتِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ أَحَدٍ عَمَلًا حَتَّى يَقُولَهَا. وَإِذَا قَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ" فَهِيَ كَلِمَةُ الشُّكْرِ الَّتِي لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ عَبْدٌ قَطُّ حَتَّى يَقُولَهَا، وَإِذَا قَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ" فَهِيَ تَمْلَأُ (١٣) مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَإِذَا قَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ"، فَهِيَ صَلَاةُ الخلائق التي لم يَدْع الله أحدًا مِنْ خَلْقِهِ إِلَّا قَرّره بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْبِيحِ. وَإِذَا قَالَ: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ (١٤) "، قَالَ: أَسْلَمَ عَبْدِي وَاسْتَسْلَمَ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ الصَّقْعَبَ بْنَ زُهير [يُحَدِّثُ] (١٥) عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم أعرابيّ عليه جبة


(١) في ت، ف، أ: "الأقصى، فلما رجع كان".
(٢) في ت: "السبع السموات".
(٣) المعجم الأوسط برقم (٥٨) "مجمع البحرين" وقال " لَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بهذا الإسناد، تفرد به سعيد". وذكر الذهبي هذا الحديث في الميزان (٤/١٠١) في ترجمة مسكين بن أبي ميمون وقال: "منكر".
(٤) في ف: "بحمده".
(٥) في ت، ف: "الحيوان".
(٦) صحيح البخاري برقم (٣٥٧٩) .
(٧) في ت، ف، أ: "أن رسول الله ".
(٨) زيادة من ف.
(٩) رواه أحمد في المسند (٤/٤١٥) .
(١٠) المسند (٣/٤٣٩) .
(١١) سنن النسائي (٧/٢١٠) من حديث عبد الرحمن بن عثمان، رضي الله عنه.
(١٢) في ت: "باني"، وفي ف: "أبي".
(١٣) في ت: "الله أكبر ملأ".
(١٤) في أ: "بالله العلي العظيم".
(١٥) زيادة من ف، أ، والمسند.

<<  <  ج: ص:  >  >>