للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سَبْعِينَ امْرَأَةً -وَفِي رِوَايَةِ تِسْعِينَ امْرَأَةً. وَفِي رِوَايَةٍ: مِائَةِ امْرَأَةٍ-تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقِيلَ لَهُ -وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ-قُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَمْ يَقُلْ فَطَافَ بِهِنَّ فَلَمْ يَلِدْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ نِصْفَ إِنْسَانٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ قَالَ: "إِنْ شَاءَ اللَّهُ" لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ دَرْكًا لِحَاجَتِهِ وَفِي رِوَايَةٍ: "وَلَقَاتَلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ (١) (٢)

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ ذِكْرُ سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا سُئِلَ عَنْ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ: "غَدًا أُجِيبُكُمْ". فَتَأَخَّرَ الْوَحْيُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِطُولِهِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ، فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ.

وَقَوْلُهُ: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} قِيلَ: مَعْنَاهُ إِذَا نَسِيتَ الِاسْتِثْنَاءَ، فَاسْتَثْنِ عِنْدَ ذِكْرِكَ لَهُ. قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ.

وَقَالَ هُشَيْمٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ؟ قَالَ: لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ وَلَوْ إِلَى سَنَةٍ، وَكَانَ يَقُولُ: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} فِي ذَلِكَ. قِيلَ لِلْأَعْمَشِ: سَمِعْتَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ؟ قَالَ (٣) حَدَّثَنِي بِهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، يَرَى (٤) ذَهَبَ كِسَائِي هَذَا.

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، بِهِ (٥) .

وَمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّهُ يَسْتَثْنِي وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ" أَيْ: إِذَا نَسِيَ أَنْ يَقُولَ فِي حَلِفِهِ أَوْ كَلَامِهِ "إِنْ شَاءَ اللَّهُ" وَذَكَرَ وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ، فالسُّنة لَهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ، لِيَكُونَ آتِيًا بسُنَّة الِاسْتِثْنَاءِ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ بَعْدَ الْحِنْثِ، قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ، لَا أَنْ يَكُونَ [ذَلِكَ] (٦) رَافِعًا لِحِنْثِ الْيَمِينِ وَمُسْقِطًا لِلْكَفَّارَةِ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ الْأَلْيَقُ بِحَمْلِ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} أَيْ: إِذَا غَضِبْتَ. وَهَذَا تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ.

وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الحُلْواني، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} أَنْ تَقُولَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ (٧) [وَهَذَا تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ] (٨) .

وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الجُبيلي (٩) حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ


(١) في ت، ف: "أجمعين".
(٢) صحيح البخاري برقم (٥٢٤٢) رواية المائة، وبرقم (٦٧٢٠) رواية التسعين، وصحيح مسلم برقم (١٦٥٤) .
(٣) في ف: "فقال".
(٤) في ت: "ترى".
(٥) تفسير الطبري (١٥/١٥١) والمعجم الكبير للطبراني (١١/٦٨) .
(٦) زيادة من ف.
(٧) المعجم الكبير (١٢/١٧٩) .
(٨) زيادة من ف.
(٩) في ت، ف: "الحبلى".

<<  <  ج: ص:  >  >>