للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ الْجَوَابُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ العَوْفي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: احْتَبَسَ جِبْرِيلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ وحَزَن، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، {وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَبِثَ جِبْرِيلُ عَنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَيَقُولُونَ [قُلِيَ] (١) فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ لَقَدْ رِثْتَ عَلَيَّ حَتَّى ظَنَّ الْمُشْرِكُونَ كُلَّ ظَنٍّ. فَنَزَلَتْ: {وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ [لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ] (٢) وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} قَالَ: وَهَذِهِ الْآيَةُ كَالَّتِي فِي الضُّحَى.

وَكَذَلِكَ قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحم، وقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي احْتِبَاسِ جِبْرِيلَ.

وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: أَبْطَأَ جِبْرِيلُ النُّزُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ نَزَلَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا نَزَلْتَ حَتَّى اشْتَقْتُ إِلَيْكَ" فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: بَلْ أَنَا كُنْتُ إِلَيْكَ أَشْوَقُ، وَلَكِنِّي مَأْمُورٌ، فأوحِيَ إِلَى جِبْرِيلَ أَنْ قُلْ لَهُ: {وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ} الْآيَةَ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَهُوَ غَرِيبٌ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أَبْطَأَتِ الرسلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ: مَا حَبَسَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: وَكَيْفَ نَأْتِيكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَقُصُّونَ أَظْفَارَكُمْ، وَلَا تُنْقُون بَرَاجِمَكُمْ، وَلَا تَأْخُذُونَ شَوَارِبَكُمْ، وَلَا تَسْتَاكُونَ؟ ثُمَّ قَرَأَ: {وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.

وَقَدْ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ النَّحْوِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصُّورِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [الدِّمَشْقِيُّ] (٣) حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، أَخْبَرَنِي ثَعْلَبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي كَعْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ جِبْرِيلَ أَبْطَأَ عَلَيْهِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: وَكَيْفَ وَأَنْتُمْ لَا تَسْتَنّون، وَلَا تُقَلّمُون أَظْفَارَكُمْ، وَلَا تَقُصُّونَ شَوَارِبَكُمْ، وَلَا تُنْقُون رَوُاجِبَكُمْ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، بِهِ نَحْوَهُ (٤) .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سَيَّار، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ حَبِيبٍ -[خَتَنُ] (٥) مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ-حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَصْلِحِي لَنَا الْمَجْلِسَ، فَإِنَّهُ يَنْزِلُ (٦) مَلَكٌ إِلَى الْأَرْضِ، لَمْ يَنْزِلْ إِلَيْهَا قَطُّ" (٧)

وَقَوْلُهُ: {لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} قِيلَ: الْمُرَادُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا: أَمْرُ الدُّنْيَا، وَمَا خَلْفَنَا: أَمْرُ الْآخِرَةِ، {وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ} مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ. هَذَا قَوْلُ أَبِي العالية، وعكرمة، ومجاهد، وسعيد بن


(١) زيادة من ت، ف، أ.
(٢) في ت، ف، أ: "إلى قوله".
(٣) زيادة من ت، ف، أ.
(٤) المعجم الكبير (١١/٤٣١) والمسند (١/٢٤٣) وفي إسناده أبو كعب مولى ابن عباس، قال أبو زرعة: "لا يسمى ولا يعرف إلا في هذا الحديث".
(٥) في هـ، ت، ف: "عن"، والمثبت من أ، والمسند.
(٦) في ف، أ: "يتنزل".
(٧) المسند (٦/٢٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>