للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَانُوا يَقُولُونَ، إِذَا دَخَلُوا الْمَدِينَةَ: نَحْنُ مُسْلِمُونَ. لِيَعْلَمُوا خَبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْرَهُ. فَإِذَا رَجَعُوا رَجَعُوا إِلَى الْكُفْرِ. فَلَمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ فَلَمْ يَكُونُوا يَدْخُلُونَ. وَكَانَ الْمُؤْمِنُونَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ (١) فَيَقُولُونَ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُونَ: بَلَى. فَإِذَا رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ [يَعْنِي الرُّؤَسَاءَ] (٢) قَالُوا: {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} الْآيَةَ (٣) .

وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} يَعْنِي: بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فِي كِتَابِكُمْ مِنْ نَعْتِ (٤) مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَر، عَنْ قَتَادَةَ: {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ} قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: سَيَكُونُ نَبِيٌّ. فَخَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ (٥) فَقَالُوا: {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} (٦) .

قَوْلٌ آخَرُ فِي الْمُرَادِ بِالْفَتْحِ: قَالَ ابْنُ جُرَيج: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّة، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ تَحْتَ حُصُونِهِمْ، فَقَالَ: "يَا إِخْوَانَ (٧) الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَيَا عَبَدَةَ الطَّاغُوتِ"، فَقَالُوا: مَنْ أَخْبَرَ بِهَذَا (٨) الْأَمْرِ مُحَمَّدًا؟ مَا خَرَجَ هَذَا الْقَوْلُ (٩) إِلَّا مِنْكُمْ {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} بِمَا حَكَمَ اللَّهُ، لِلْفَتْحِ، لِيَكُونَ لَهُمْ حُجَّةً عَلَيْكُمْ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: هَذَا حِينَ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَلِيَّا (١٠) فَآذَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} مِنَ الْعَذَابِ {لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ} هَؤُلَاءِ نَاسٌ مَنَ الْيَهُودِ آمَنُوا ثُمَّ نَافَقُوا وَكَانُوا يُحَدِّثُونَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْعَرَبِ بِمَا عُذِّبوا بِهِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} مِنَ الْعَذَابِ، لِيَقُولُوا: نَحْنُ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْكُمْ، وَأَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْكُمْ.

وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِي: {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} يَعْنِي: بِمَا قَضَى [اللَّهُ] (١١) لَكُمْ وَعَلَيْكُمْ.

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: هَؤُلَاءِ الْيَهُودُ، كَانُوا إِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا: آمَنَّا، وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُحَدِّثُوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِمَّا فِي كِتَابِكُمْ، فَيُحَاجُّوكُمْ (١٢) بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ، فيخصموكم.


(١) في جـ: "أنهم يؤمنون".
(٢) زيادة من جـ، ب، أ، و.
(٣) رواه الطبري في تفسيره (٢/٢٥٤) عن يونس عن ابن وهب به.
(٤) في أ: "من بعث".
(٥) في جـ، ط، ب: "فخلا بعضهم ببعض".
(٦) تفسير عبد الرزاق (١/٧١) .
(٧) في جـ: "أيا إخوان".
(٨) في جـ، ط، ب: "من أخبر هذا".
(٩) في أ، و: "هذا الأمر".
(١٠) في جـ: "حين أرسل عليًا إليهم".
(١١) زيادة من جـ، أ.
(١٢) في جـ، ط، ب: "ليحاجوكم".

<<  <  ج: ص:  >  >>