للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ". قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أما ثِنْتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ" (١)

وَقَالَ (٢) الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عُمَر بْنُ رَاشِدٍ الْيَمَامِيُّ، حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا دُعَاءً إِلَّا اسْتَفْتَحَهُ بِـ "سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّي الْأَعْلَى الْعَلِيِّ الْوَهَّابِ" (٣)

وَقَدْ قَالَ (٤) أَبُو عَبِيدٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَرْقان عَنْ صَالِحِ بْنِ مِسْمَارٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ نَبِيُّ اللَّهِ دَاوُدُ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى ابْنِهِ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِمَا (٥) السَّلَامُ: أَنْ سَلْنِي حَاجَتَكَ. قَالَ: أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ لِي قَلْبًا يَخْشَاكَ كَمَا كَانَ قَلْبُ أَبِي وَأَنْ تَجْعَلَ قَلْبِي يُحِبُّكَ كَمَا كَانَ قَلْبُ أَبِي. فَقَالَ اللَّهُ: أَرْسَلْتُ إِلَى عَبْدِي وَسَأَلَتْهُ (٦) حَاجَتَهُ فَكَانَتْ [حَاجَتُهُ] (٧) أَنْ أَجْعَلَ قَلْبَهُ يَخْشَانِي وَأَنْ أَجْعَلَ قَلْبَهُ يُحِبُّنِي لأهَبَنّ لَهُ مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} وَالَّتِي بَعْدَهَا، قَالَ: فَأَعْطَاهُ [اللَّهُ] (٨) مَا أَعْطَاهُ وَفِي الْآخِرَةِ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ.

هَكَذَا أَوْرَدَهُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي تَارِيخِهِ (٩)

وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ دَاوُدَ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] (١٠) أَنَّهُ قَالَ: "إِلَهِي كُنْ لِسُلَيْمَانَ كَمَا كُنْتَ لِي": فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنْ قُلْ لِسُلَيْمَانَ: يَكُونُ لِي كَمَا كُنْتَ لِي، أَكُونُ لَهُ كَمَا كنتُ لَكَ.

وَقَوْلُهُ: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَمَّا عَقَرَ سُلَيْمَانُ الْخَيْلَ غَضَبًا لِلَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ عَوَّضَهُ اللَّهُ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا وَأَسْرَعُ الرِّيحُ الَّتِي غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ.

وَقَوْلُهُ: {حَيْثُ أَصَابَ} أَيْ: حَيْثُ أَرَادَ مِنَ الْبِلَادِ.

وَقَوْلُهُ: {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ} أَيْ: مِنْهُمْ مَنْ هُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْأَبْنِيَةِ الْهَائِلَةِ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجَفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا الْبَشَرُ وَطَائِفَةٌ غَوَّاصُونَ فِي الْبِحَارِ يَسْتَخْرِجُونَ مِمَّا (١١) فِيهَا مِنَ اللَّآلِئِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْأَشْيَاءِ النَّفِيسَةِ الَّتِي لَا تُوجَدُ إِلَّا فِيهَا {وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ} أَيْ: مُوثَقُونَ فِي الْأَغْلَالِ وَالْأَكْبَالِ مِمَّنْ قَدْ تَمَرّد وَعَصَى وَامْتَنَعَ مِنَ الْعَمَلِ وَأَبَى أَوْ قَدْ أَسَاءَ فِي صنيعه واعتدى.


(١) المعجم الكبير (٥/٢٤) قال الهيثمي في المجمع (٤/٨) : "فيه محمد بن أيوب بن سويد الرملي وهو متهم بالوضع".
(٢) في ت: "وروى".
(٣) المسند (٤/٥٤) قال الهيثمي في المجمع (١٠/١٥٦) : "فيه عمر بن راشد اليمامي وثقه غير واحد، وبقية رجاله رجال الصحيح".
(٤) في ت: "وروى".
(٥) في ت، أ: "عليه".
(٦) في ت، س: "أسأله".
(٧) زيادة من ت، س.
(٨) زيادة من أ.
(٩) تاريخ دمشق (٧/٥٦٩) "القسم المخطوط".
(١٠) زيادة من ت، س، أ.
(١١) في ت: "ما".

<<  <  ج: ص:  >  >>