للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنان، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عَنْ عُمَيْرٍ (١) مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّمَا قَوْلُهُ: "جِبْرِيلُ" كَقَوْلِهِ: "عَبْدُ اللَّهِ" وَ "عَبْدُ الرَّحْمَنِ". وَقِيلَ (٢) جِبْرِ: عَبْدُ. وَإِيلُ: اللَّهُ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: أَتُدْرُونَ (٣) مَا اسْمُ جِبْرَائِيلَ (٤) مِنْ أَسْمَائِكُمْ؟ قُلْنَا: لَا. قَالَ: اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: فَتَدْرُونَ مَا اسْمُ مِيكَائِيلَ مِنْ أَسْمَائِكُمْ؟ قُلْنَا: لَا. قَالَ: اسْمُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ (٥) . وَكُلُّ اسْمٍ مَرْجِعُهُ إِلَى "يل" (٦) فَهُوَ إِلَى اللَّهِ.

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَالضَّحَّاكِ وَيَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ نَحْوَ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الحَوَارِي، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: اسْمُ جِبْرِيلُ فِي الْمَلَائِكَةِ خَادِمُ اللَّهِ. قَالَ: فَحَدَّثْتُ (٧) بِهِ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ، فَانْتَفَضَ وَقَالَ: لَهَذَا الْحَدِيثُ أَحَبُّ إليَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ [وَكَتَبَهُ] (٨) فِي دَفْتَرٍ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ.

وَفِي جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ لُغَاتٌ وَقِرَاءَاتٌ، تُذْكَرُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَالْقِرَاءَاتِ، وَلَمْ نُطَوِّلْ كِتَابَنَا هَذَا بسَرد ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَدُورَ فَهْمُ الْمَعْنَى عَلَيْهِ، أَوْ يَرْجِعَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ إِلَيْهِ، وَبِاللَّهِ الثِّقَةُ، وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} فِيهِ إِيقَاعُ الْمُظْهَرِ مَكَانَ الْمُضْمَرِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ: فَإِنَّهُ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ. قَالَ: {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

لَا أَرَى الموتَ يَسْبِقُ (٩) الموتَ شَيْءٌ ... نَغَّص (١٠) الموتُ ذَا الْغِنَى وَالْفَقِيرَا ...

وَقَالَ آخَرُ:

ليتَ الغرابَ غَدَاةَ ينعَبُ (١١) دَائِبًا ... كَانَ الغرابُ مقطَّع الْأَوْدَاجِ (١٢)

وَإِنَّمَا أَظْهَرَ الِاسْمَ هَاهُنَا لِتَقْرِيرِ هَذَا الْمَعْنَى وَإِظْهَارِهِ، وَإِعْلَامِهِمْ أَنَّ مَنْ عَادَى أَوْلِيَاءَ اللَّهِ فَقَدْ عَادَى اللَّهَ، وَمَنْ عَادَى اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لَهُ، وَمَنْ كَانَ اللَّهُ عَدُوَّهُ فَقَدْ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ، كَمَا تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ: "مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْحَرْبِ". وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "إِنِّي لِأَثْأَرُ لِأَوْلِيَائِي كَمَا يَثْأَرُ اللَّيْثُ الْحَرِبُ". وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "وَمَن كنتُ خَصْمَه خَصَمْتُه".


(١) في أ: "عمر".
(٢) في جـ، ط، ب، أ، و: "وقال".
(٣) في جـ، ط، ب، أ، و: "تدرون".
(٤) في جـ، ط، ب: "جبريل".
(٥) في جـ: "عبد الله".
(٦) في أ، و: "إيل".
(٧) في جـ: "فحدث".
(٨) زيادة من جـ.
(٩) في جـ: "سوى".
(١٠) في جـ، ط، ب: "سبق"، وفي أ: "مسبق" وفي و: "يسبق".
(١١) في جـ: "ينعق".
(١٢) البيت في تفسير الطبري (٢/٣٩٦) وهو لجرير بن عطية.

<<  <  ج: ص:  >  >>