للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ، وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

وَرُوِي (١) عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ بَاعَ وَاشْتَرَى فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، بَارَكَ اللَّهُ لَهُ سَبْعِينَ مَرَّةً، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}

وَقَوْلُهُ: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أَيْ: حَالَ بَيْعِكُمْ وَشِرَائِكُمْ، وَأَخْذِكُمْ وعَطَائكم، اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا، وَلَا تَشْغَلْكُمُ الدُّنْيَا عَنِ الَّذِي يَنْفَعُكُمْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ؛ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "مَنْ دَخَلَ سُوقًا مِنَ الْأَسْوَاقِ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ كُتبت (٢) لَهُ ألفُ أَلْفِ حَسنة، ومُحي عَنْهُ ألفُ أَلْفِ سَيئة" (٣)

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا، حَتَّى يَذْكُرَ اللَّهَ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَمُضْطَجِعًا.

{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ واللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١) }

يُعَاتِبُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى مَا كَانَ وَقَعَ مِنْ الِانْصِرَافِ عَنِ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى التِّجَارَةِ الَّتِي قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ يَوْمَئِذٍ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} أَيْ: عَلَى الْمِنْبَرِ تَخْطُبُ. هَكَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ، مِنْهُمْ: أَبُو الْعَالِيَةِ، وَالْحَسَنُ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وقَتَادَةُ.

وَزَعَمَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: أَنَّ التِّجَارَةَ كَانَتْ لِدَحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، وَكَانَ مَعَهَا طَبْلٌ، فَانْصَرَفُوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا عَلَى الْمِنْبَرِ إِلَّا الْقَلِيلَ مِنْهُمْ. وَقَدْ صَحّ بِذَلِكَ الْخَبَرُ، فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:

حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَين، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَدمَت عيرٌ الْمَدِينَةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَخَرَجَ النَّاسُ وَبَقِيَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا فَنَزَلَتْ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا}

أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ سَالِمٍ، بِهِ (٤)

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا هُشَيم، عَنْ حُصَين، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ وَأَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَدِمَتْ عيرٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَابْتَدَرَهَا أصحابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ تَتَابَعْتُمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْكُمْ أَحَدٌ، لَسَالَ بِكُمُ الْوَادِي


(١) في م: "وروى أيضا".
(٢) في أ: "كتب الله".
(٣) جاء من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، رواه الإمام أحمد في المسند (١/٤٧) والترمذي في السنن برقم (٨٢٤٣) وابن ماجة في السنن برقم (٢٢٣٥) وقال الترمذي: "هذا حديث غريب".
(٤) المسند (٣/٣١٣) وصحيح البخاري برقم (٤٨٩٩) وصحيح مسلم برقم (٨٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>