للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَقَتَادَةَ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، والسُّدِّيّ، ومُقاتل بْنُ حَيَّان، نَحْوُ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: {وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} أَيْ: كُونُوا مُنْقَادِينَ لِمَا يَأْمُرُكُمُ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، وَلَا تَحِيدُوا عَنْهُ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً، وَلَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَا تَتَخَلَّفُوا عَمَّا بِهِ أُمِرْتُمْ، وَلَا تَرْكَبُوا مَا عَنْهُ زُجرتم.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لأنْفُسِكُمْ} أَيْ: وَابْذُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ عَلَى الْأَقَارِبِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَذَوِي الحَاجات، وَأَحْسِنُوا إِلَى خَلْقِ اللَّهِ كَمَا أَحْسَنَ إِلَيْكُمْ، يَكُنْ خَيْرًا لَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنْ لَا تَفْعَلُوا يَكُنْ شَرًّا لَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي سُورَةِ "الْحَشْرِ" وَذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَا هُنَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ،

وَقَوْلُهُ: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} أَيْ: مَهْمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ، وَمَهْمَا تَصَدَّقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، وَنَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الْقَرْضِ لَهُ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: "مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ ظَلُومٍ وَلَا عَدِيمٍ " (١) وَلِهَذَا قَالَ: {يُضَاعِفْهُ لَكُمْ} كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [الْبَقَرَةِ: ٢٤٥]

{وَيَغْفِرْ لَكُمْ} أَيْ: وَيُكَفِّرْ عَنْكُمُ السَّيِّئَاتِ. وَلِهَذَا قَالَ: {وَاللَّهُ شَكُورٌ} أَيْ: يَجْزِي عَلَى الْقَلِيلِ بِالْكَثِيرِ {حَلِيمٌ} أي: [يعفو و] (٢) يصفح وَيَغْفِرُ وَيَسْتُرُ، وَيَتَجَاوَزُ عَنِ الذُّنُوبِ وَالزَّلَّاتِ وَالْخَطَايَا وَالسَّيِّئَاتِ.

{عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} تَقَدَّمَ تفسيره غير مرة.


(١) صحيح مسلم برقم (٧٥٨) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه.
(٢) زيادة من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>