للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقرَبُون النِّسَاءَ، رَمَضَان كُلّه، وَكَانَ رجَال يَخُونُونَ أَنْفُسَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} (١) .

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عباس قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِذَا صَلُّوا الْعِشَاءَ حَرُم عَلَيْهِمُ (٢) النِّسَاءُ وَالطَّعَامُ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْقَابِلَةِ، ثُمَّ إِنَّ أُنَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَصَابُوا مِنَ النِّسَاءِ وَالطَّعَامِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بَعْدَ الْعِشَاءِ، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} وَكَذَا رَوَى الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْب، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّ النَّاسَ كَانُوا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فِي الصَّوْمِ مَا نَزَلَ فِيهِمْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَيَحِلُّ لَهُمْ شَأْنُ النِّسَاءِ، فَإِذَا نَامَ أحدهُم لَمْ يَطْعَمْ وَلَمْ يشرَب وَلَا يَأْتِي أَهْلَهُ حَتَّى يُفْطِرَ مِنَ الْقَابِلَةِ، فَبَلَغَنَا أَنَّ عُمَر بْنَ الْخَطَّابِ بَعْدَمَا نَامَ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الصوْمُ وَقَع عَلَى أَهْلِهِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَشْكُو إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكَ الذِي صَنَعْتُ. قَالَ: "وَمَاذَا صَنَعْتَ؟ " قَالَ: إِنِّي سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي، فَوَقَعْتُ عَلَى أَهْلِي بَعْدَ مَا نِمْتُ وَأَنَا أُرِيدُ الصَّوْمَ. فَزَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا كُنْتَ خَلِيقًا أَنْ تَفْعَلَ". فَنَزَلَ الْكِتَابُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبة، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ (٣) ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (٤) {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} قَالَ: كانَ الْمُسْلِمُونَ قبلَ أَنْ تَنْزِلَ هَذِهِ الْآيَةُ إِذَا صَلَّوُا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حَرُمَ عَلَيْهِمُ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالنِّسَاءُ حَتَّى يُفْطِرُوا، وَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَ أَهْلَهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَأَنَّ صِرْمة بْنَ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيَّ غَلَبَتْهُ عَيْنُهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، فَنَامَ وَلَمْ يَشْبَعْ مِنَ الطَّعَامِ، وَلَمْ يَسْتَيْقِظْ حَتَّى صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ، فَقَامَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ (٥) بِذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} يَعْنِي بِالرَّفَثِ: مُجَامَعَةُ النِّسَاءِ {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} يَعْنِي: تُجَامِعُونَ النِّسَاءَ، وَتَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ بَعْدَ الْعِشَاءِ {فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} يَعْنِي: جَامِعُوهُنَّ {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} يَعْنِي: الْوَلَدُ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} فَكَانَ ذَلِكَ عَفْوًا مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةً.

وَقَالَ هُشَيم، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي لَيْلَى، قَالَ: قَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرَدْتُ أَهْلِي الْبَارِحَةَ (٦) عَلَى مَا يُرِيدُ الرجلُ أهلهُ فَقَالَتْ: إِنَّهَا قَدْ نَامَتْ، فَظَنَنْتُهَا تعْتلّ، فَوَاقَعْتُهَا، فَنَزَلَ فِي عُمَرَ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}


(١) صحيح البخاري برقم (٤٥٠٨) .
(٢) في جـ: "حرم الله عليهم".
(٣) في جـ: "سعد بن قيس".
(٤) في جـ: "في قوله تعالى".
(٥) في جـ: "فأخبراه".
(٦) في جـ: "البارحة أهلي".

<<  <  ج: ص:  >  >>