للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَبْلَنَا، وَقَدْ حُكِيَ مُقَرَّرًا، وَبِذَلِكَ ثَبَتَتِ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ: "وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ وَلَد سَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أبِي إبْرَاهِيمَ". أَخْرَجَاهُ (١) وَكَذَلِكَ ثَبَتَ فِيهِمَا أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ذَهَبَ بِأَخِيهِ، حِينَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَنَّكه وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ (٢) وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وُلِدَ لِي وَلَد، فَمَا أُسمِّيه؟ قَالَ: "اسْم وَلدِك (٣) عَبْد الرَّحْمَنِ" (٤) وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا: أَنَّهُ لَمَّا جَاءَهُ أَبُو أسَيد بِابْنِهِ ليُحنّكه، فذَهَل عَنْهُ، فَأَمَرَ بِهِ أَبُوهُ فَرَدّه إِلَى مَنْزِلِهِمْ، فَلَمَّا ذكرَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ سَمّاه الْمُنْذِرَ (٥) .

فَأَمَّا حَدِيثُ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ سَمُرَة بْنِ جُنْدُب؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كُلُّ غُلامٍ رَهِين (٦) بِعقِيقتِهِ، يُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، ويُسَمَّى وَيحْلَقُ رَأْسُهُ" فَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَيَرْوِي: "ويُدَمَّى"، وَهُوَ أَثْبَتُ وَأَحْفَظُ (٧) وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَذَا مَا رَوَاهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي كِتَابِ النَّسَبِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ وَلَدِهِ إِبْرَاهِيمَ يَوْمَ سَابِعِهِ وَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ. فَإِسْنَادُهُ لَا يَثْبُتُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الصَّحِيحِ (٨) وَلَوْ صَحَّ لَحُمِل (٩) عَلَى أَنَّهُ أشْهَرَ اسمَه بِذَلِكَ يَوْمَئِذٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ إِخْبَارًا عَنْ أُمِّ مَرْيَمَ أَنَّهَا قَالَتْ: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} أَيْ: عَوَّذتها بِاللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ، وَعَوَّذَتْ ذُرِّيَّتَهَا، وَهُوَ وَلَدُهَا عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ. فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهَا ذَلِكَ كَمَا قَالَ عَبْدُ الرزَّاق: أَنْبَأَنَا مَعْمَر، عَنِ الزَّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "مَا مِن مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا مَسَّه الشَّيْطَانُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلّ صَارخًا مِنْ مَسِّهِ إيَّاهُ، إِلَّا مَرْيَم َوابْنَهَا". ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَأُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} أَخْرَجَاهُ (١٠) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ، عن بَقِيَّة، [عن


(١) رواه البخاري تعليقا برقم (١٣٠٣) ورواه مسلم برقم (٢٣١٥) من حديث أنس بن مالك.
(٢) رواه البخاري برقم (٥٤٧٠) ورواه مسلم برقم (٢١٤٤) .
(٣) في جـ، ر: "ابنك".
(٤) صحيح البخاري برقم (٦١٨٦) من حديث جابر.
(٥) رواه البخاري برقم (٦١٩١) ورواه مسلم برقم (٢١٤٩) من حديث سهل بن سعد الساعدي.
(٦) في أ، و: "رهينته".
(٧) المسند (٥/١٢) وسنن أبي داود برقم (٢٨٣٨) وسنن الترمذي برقم (١٥٢٢) وسنن النسائي (٧/١٦٦) وسنن ابن ماجة برقم (٣١٦٥) . وقد صرح الحسن بسماعه هذا الحديث من سمرة؛ لذا قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
(٨) وقال ابن القيم، رحمه الله، في كتابه "تحفة المودود في أحكام المولود" ص ٦٧ بعد ما ساق قول الزبير بن بكار عن أشياخه: "هكذا قال الزبير وسماه يوم سابعه، والحديث المرفوع أصح من قوله وأولى".
(٩) في جـ، ر: "يحمل".
(١٠) صحيح البخاري (٤٥٤٨) وصحيح مسلم برقم (٢٣٦٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>