للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُوسُفَ بْنِ مَاهُك، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَام قَالَ: بايعتُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَلَّا أخِرَّ إِلَّا قَائِمًا. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ شُعْبَةَ، بِهِ، وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ فَقَالَ: (بَابُ كَيْفَ يَخِرُّ لِلسُّجُودِ) (١) ثُمَّ سَاقَهُ مِثْلَهُ (٢) فَقِيلَ: مَعْنَاهُ: عَلَى أَلَّا أَمُوتَ إِلَّا مُسْلِمًا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: [عَلَى] (٣) أَلَّا أُقتل إِلَّا مُقبِلا غَيْرَ مُدبِر، وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ.

وَقَوْلُهُ: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} قِيلَ {بِحَبْلِ اللَّهِ} أَيْ: بِعَهْدِ اللَّهِ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ بَعْدَهَا: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} [آلِ عِمْرَانَ:١١٢] أَيْ بِعَهْدٍ وَذِمَّةٍ (٤) وَقِيلَ: {بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ} يَعْنِي: الْقُرْآنَ، كَمَا فِي حَدِيثِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، عَنْ علِيّ مَرْفُوعًا فِي صِفَةِ الْقُرْآنِ: "هُوَ حَبْلُ اللهِ الْمتِينُ، وَصِرَاطُهُ الْمُسْتَقِيمُ".

وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ خَاصٌّ بِهَذَا الْمَعْنَى، فَقَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ (٥) مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ العَرْزَمي، عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ [أَبِي] (٦) سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كِتَابُ اللهِ، هُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَمْدُودُ مِنَ السَّمَاءِ إلَى الأرْضِ" (٧) .

وَرَوَى ابْنُ مَرْدُويَه مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمٍ الهَجَريّ، عَنْ أَبِي الأحْوَص، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ حَبْلُ اللهِ الْمتِينُ، وَهُوَ النُّورُ الْمُبِينُ وهُوَ الشِّفَاءُ النَّافِعُ، عِصْمةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، ونَجَاةٌ لِمَنِ اتَّبَعَهُ" (٨) .

وُروي مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ نَحْوُ ذَلِكَ. [وَقَالَ وَكِيع: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ هَذَا الصِّرَاطَ مُحْتَضَرٌ تَحْضُرُهُ الشَّيَاطِينُ، يَا عَبْدَ اللَّهِ، بِهَذَا الطَّرِيقِ هَلُمَّ إِلَى الطَّرِيقِ، فَاعْتَصَمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ فَإِنَّ حَبْلَ اللَّهِ الْقُرْآنُ] (٩) .

وَقَوْلُهُ: {وَلا تَفَرَّقُوا} أمَرَهُم بِالْجَمَاعَةِ وَنَهَاهُمْ عَنِ التَّفْرِقَةِ (١٠) وَقَدْ وَرَدَتِ الأحاديثُ الْمُتَعَدِّدَةُ بِالنَّهْيِ عَنِ التَّفَرُّقِ وَالْأَمْرِ بِالِاجْتِمَاعِ وَالِائْتِلَافِ (١١) كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ سُهَيل بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: "إنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثًا، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا، يَرْضى لَكُمْ: أنْ تَعْبدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وأنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا، وأنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلاهُ اللهُ أمْرَكُمْ؛ وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا: قيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وإِضَاعَةَ الْمَالِ" (١٢) .


(١) المسند (٣/٤٠٢) وسنن النسائي (٢/٢٠٥) .
(٢) في جـ، أ: "عليه".
(٣) زيادة من أ.
(٤) في ر: "بعهد ذمة".
(٥) في أ: "عن".
(٦) زيادة من جـ.
(٧) تفسير الطبري (٧/٧٢) وفي إسناده عطية العوفي وهو ضعيف.
(٨) ورواه الحاكم في المستدرك (١/٥٥٥) وابن أبي شيبة في المصنف (١٠/٤٨٢) وابن حبان في المجروحين (١/٩٩) وابن الجوزي في العلل المتناهية (١/١٠١) وقال: "هذا حديث لا يصح عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويشبه أن يكون من كلام ابن مسعود".
(٩) زيادة من و.
(١٠) في أ، و: "الفرقة".
(١١) في جـ: "بالائتلاف والاجتماع".
(١٢) صحيح مسلم برقم (١٧١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>