للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَبَارَكتَ وَتَعَالَيتَ، أَستَغفِرُكَ وأتوب إِلَيكَ! ! وَإِذَا رَكَعَ قَالَ: اللهمَّ لَكَ رَكَعتُ، وَبِكَ آمَنتُ، وَلَكَ أَسلَمتُ، خَشَعَ لَكَ سَمعِي وَبَصَرِي، وَمُخِّي وَعَظمِي وَعَصَبِي. وَإِذَا رَفَعَ قَالَ: اللهمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمدُ مِلءَ السَّمَاوَاتِ الأَرضِ، وَمَا بَينَهُمَا، وَمِلءَ مَا شِئتَ مِن شَيءٍ بَعدُ. وَإِذَا سَجَدَ قَالَ:

ــ

{قُل كُلٌّ مِن عِندِ اللَّهِ} وكما قال: {وَإِن يَمسَسكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِن يَمسَسكَ بِخَيرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ}

وقوله: خشع لك سمعي، وبصري، ومخي، وعظمي وعصبي؛ أي: أخذ كل عضو من هذه الأعضاء حظه من الخضوع والتذلل؛ أي: سكنت وافتقرت، وإن كان أصل الخشوع في القلب؛ لكن ثمرته تظهر على الجوارح والأعضاء، فسُمِّيَ بذلك: خشوعًا، كما قال تعالى: {تَرَى الأَرضَ خَاشِعَةً}؛ أي: متذللة، مفتقرة لما تحيا به من الماء، أو يكون هذا على الإغياء (١) والتشبيه، كما قال:

لا عُضوَ لي إلا وفيه محبةٌ ... فكأن أعضائي خلقن قلوبًا

وهذا هو النور الذي دعا به النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس المتقدم. وقد تقدم القول في: ملء السماوات والأرض، في الطهارة.

وقوله: وملء ما شئت من شيء بعد: يحتمل أن يكون معناه: من شيء يمكن أن يخلقه؛ يكون أكبر من السماوات والأرض، ويحتمل أن يراد به العرش والكرسي، ففي الحديث: إن السماوات والأرض في الكرسي كالحلقة الملقاة في فلاة من الأرض، والكرسي وما فيه في العرش كحلقه ملقاة في فلاة (٢). والله تعالى أعلم. ومقصود هذا الحديث: الإغياء في تكثير الحمد والثناء.


(١) هو بلوغ الغاية في الأمر.
(٢) رواه الآجري وأبو حاتم البستي والبيهقي. (تفسير القرطبي ٣/ ٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>