وبعد ظرف مبني على الضم؛ لأنه قطع عن المضاف إليه، مع أنه مراد، ومعناه هنا: بعد السماوات والأرض المذكورة قبل.
وقوله: وشق سمعه وبصره؛ أي: خلق فيه السمع والبصر. وقد يحتج بإضافة السمع إلى الوجه من يقول: إن الأذنين من الوجه فيغسلان بغسله، ولا حجة فيه؛ لأنه يعارضه قوله - صلى الله عليه وسلم -: فإذا مسح رأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه (١). فجعل الأذن غاية للرأس، فهي منه؛ لأنا نقول بموجب ذلك، ونفرق بين السمع والأذن؛ فإن السمع الإدراك الذي في الأذن لا الأذن؛ ولأن الوجه لا يتضمن الأذنين كما تقدم.
وقوله: أنت المقدم وأنت المؤخر؛ أي: تقدم من تشاء فتجعلهم أنبياء وأولياء، وعلماء، وفضلاء، وتؤخر من شئت فتجعله فرعون، وأبا جهل. أو تملك الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وعلى الجملة فكل تقديم وتأخير منه.
وقوله: كان إذا استفتح الصلاة كبر ثم قال: وجهت وجهي: أخذ به
(١) رواه مالك في الموطأ (١/ ٣١)، والنسائي (١/ ٧٤)، وابن ماجه (٢٨٢) من حديث الصُّنابحي رضي الله عنه.