للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١] عَنِ المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ، وَسَمُرَةَ بنِ جُندَبٍ، قَالا: قَالَ

ــ

وبقوله: {وَاستَشهِدُوا شَهِيدَينِ مِن رِجَالِكُم} وعلى هذا الظاهر وكُلُّ مَن رضيه المتداينان والمتبايعان فأشهداه، حصَلَ به مقتضى الخطاب؛ غير أنَّهُمَا قد يرضيان بِمَن لا يرضى به الحاكم، ولا يسمَعُ شهادته، فلا ينتفعان بالإشهاد، ولا يحصُلُ مقصودُ الشرع من الاستيثاقِ بالشهادة؛ إذ لم يثبُت بما فعلاه عَقدٌ، ولا يُحفَظُ به مال.

ولما كان ذلك قال العلماء: إن المخاطَبَ بذلك الحُكَّامُ؛ إذ هم الذين يَعرِفون المرضيَّ شرعًا من غيره، فتثبُتُ بمن يرضَونَهُ العقود، وتحفظ الأموال والدماء والأبضاع، ويحصل الفصل بين الخصوم فيما يتنازعون فيه من الحقوق، وذلك هو مقصود الشرع من قاعدة الشهادة قطعًا، ولا يحصُلُ ذلك برِضَا غيرهم؛ فتعيَّنَ الحكامُ لهذا الخطاب الذي هو قوله: {مِمَّن تَرضَونَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}.

وإذا تقرَّر هذا، فالذي يرضاه الحاكم: هو العَدلُ الذي انتفَت عنه التُّهَمُ القادحةُ في الشهادة (١)؛ كالقرابة القريبة، وجَرِّ المنفعة لنفسه أو لولده أو لزوجته، وكالعداوةِ البيِّنة، والصداقةِ المُفرِطة - على تفصيلٍ وخلافٍ يعرف في الفقه - فقد أفادتِ الآيتان معنَيينِ:

أحدهما: اعتبارُ اجتماعِ أوصافِ العدالة التي إذا اجتمعَت، صدَقَ على الموصوفِ بهما أنه عدل.

والثاني: اعتبارُ نَفيِ القوادح التي إذا انتفَت، صدَقَ على من انتفت عنه أنّه مَرضِيّ.

فلا بدَّ من اجتماع الأمرَين في قبول الشهادة؛ ولذلك لا يُكتَفَى عندنا في التزكية بأن يقول المزكِّي: هو عدلٌ فقط، بل (٢) حتى يقولَ: هو عدلٌ مَرضِيٌّ؛ فيجمعَ بينهما.

وأما في الأخبار: فلا بُدَّ من اعتبار المعنى الأول، ولا يشترطُ الثاني


(١) في (ع) العدالة، والمثبت من (م) و (ل).
(٢) من (ل).

<<  <  ج: ص:  >  >>