للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢]، وقال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢].

ــ

و(قوله: {وَأَشهِدُوا ذَوَي عَدلٍ مِنكُم} [الطلاق: ٢]: دليلٌ على اشتراط العدالة في الشهادة، ومعناها في اللغة: الاستقامةُ، والاعتدالُ ضِدَّ الاعوجاج، ويقال: عدلٌ مِنَ العدالةِ والعُدُولةِ، ويقال: عدلٌ، للواحد وللاثنين ولجماعة المذكَّرِ والمؤنَّث، بلفظ واحد؛ إذا قُصِدَ به قُصِدَ المصدر، وإذا قُصِدَ به الصفة، ثُنِّيَ وجُمِعَ، وذُكّر وأُنِّث.

وهي عند أئمَّتنا: اجتنابُ الكبائر، واتِّقَاءُ الصغائر وما يناقضُ المروءةَ، ويُزرِي بالمناصب الدينيَّة، والعبارةُ الوجيزةُ عنها هي: حُسنُ السيرة، واستقامةُ السريرة شرعًا في ظَنِّ المعدَّل، وتفصيلُهَا في الفروع. وهل يكتفى في ظَنِّ حصول تلك الأحوال في العدل بظاهر الإسلام، مع عدم الاطَّلَاعِ على فسق ظاهر، أو لا بدّ من اختبارِ حاله حتَّى يُظَنُّ حصولُ تِلك الأمور في المعدّل؟ قولانِ لأهل العلم:

الأوَّلُ: مذهبُ أبي حنيفة.

والثاني: مذهبُ مالكٍ، والشافعيِّ، والجمهور، وهو مرويٌّ عن عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه.

وعلى مذهب أبي حنيفة: فشهادةُ المسلمِ المجهولِ الحال مقبولةٌ، وهي على مذهب الجمهور مردودةٌ. وقد ذكرنا حُجَجَ الفريقَين في كتابنا: الجامع لمقاصد علم الأصول.

و(قوله: {مِمَّن تَرضَونَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] الظاهرُ مِن هذا الخطابِ: أنَّهُ لمن افتتَحَ الكلامَ معهم في أوَّل الآية في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَينٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكتُبُوهُ} وهم: المخاطَبون بقوله: {وَأَشهِدُوا إِذَا تَبَايَعتُم}

<<  <  ج: ص:  >  >>