رواه أحمد (١/ ٤٠)، والبخاري (٦٩٣٦)، ومسلم (٨١٨)(٢٧٠)، وأبو داود (١٤٧٥)، والترمذي (٢٩٤٤)، والنسائي (٢/ ١٥٠ و ١٥٢).
ــ
نُسخ المصاحف، ولم يكتبها في بعضٍ؛ إشعارًا بأن كل ذلك صحيح، وأن القراءة بكل منها جائزة.
قلت: فكلُّ ما تضمنته تلك المصاحف متواتر، مُجمَعٌ عليه من الصحابة وغيرهم، وما خرج عن تلك المصاحف لا تجوز القراءة به، ولا الصلاة؛ لأنه ليس من القرآن المُجمع عليه، فأما هذه القراءات السبع التي تُنسب لهؤلاء القراء السبعة، فقال كثير من علمائنا؛ كالداودي، وابن أبي صفرَة وغيرهما: إنها ليست هي الأحرف السبعة التي اتّسعت الصحابة في القراءة بها، وإنما هي راجعة إلى حرفٍ واحدٍ من تلك السبعة، وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف؛ ذكره ابن إسحاق وغيره. وهذه القراءات المشهورة هي اختيار أولئك الأئمة القراء، وذلك أن كل واحد منهم اختار فيما روى وعَلِم وجهة من القراءات ما هو الأحسن عنده والأولى، فالتزمه طريقةً، ورواه، وأقرأ به فاشتهر عنه، وعرف به، فنُسب إليه، فقيل: حرف نافع، وحرف ابن كثير، ولم يمنع واحد منهم اختيار الآخر، ولا أنكره، بل سوّغه وجوَّزه، فكل واحد من هؤلاء السبعة، رُوي عنهم اختياران أو أكثر، وكلٌ صحيح. وقد أجمع المسلمون في هذه الأعصار على الاعتماد على ما صح عن هؤلاء الأئمة، مما رووه ورأوه من القراءات، وكتبوا في ذلك مصنفات، فاستمر الإجماع على الصواب، وحصل ما وعد الله - تعالى - به من حفظ الكتاب، وعلى هذا الذي قررناه الأئمةُ المتقدمون، والفضلاء المحققون؛ كالقاضي أبي بكر ابن الطيِّب والطبري، وغيرهما.
وقوله: فاقرؤوا ما تيسر منه، الضّمير في: منه عائد على القرآن،