للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٦٩٢]- وعَن أُبَيِّ بنِ كَعبٍ قَالَ: كُنتُ فِي المَسجِدِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ يُصَلِّي، فَقَرَأَ قِرَاءَةً أَنكَرتُهَا عَلَيهِ، ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ قِرَاءَةً سِوَى قَرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَلَمَّا قَضَينَا الصَّلاةَ دَخَلنَا جَمِيعًا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلتُ: إِنَّ هَذَا قَرَأَ قِرَاءَةً أَنكَرتُهَا عَلَيهِ، وَدَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ سِوَى قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَرَآ، فَحَسَّنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - شَأنَهُمَا، فَسَقَطَ فِي نَفسِي مِنَ التَّكذِيبِ، وَلا إِذ كُنتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا قَد غَشِيَنِي

ــ

لا على الأحرف؛ إذ لو كان عائدًا على الأحرف؛ لقال: منها، وإنما أعاده على القرآن؛ ليبيّن أنه يجوز أن يقرأ بما تيسَّر من الأحرف، ومن القرآن، لا أنه إذا أباح الاقتصار على قراءة بعض القرآن، فلأن يجوز الاقتصار على بعض الأحرف أولى.

وقول أُبيّ: فَسُقط في نفسي من التكذيب، ولا إذ كنت في الجاهلية: هذا الذي وقع لأُبيّ - رضي الله عنه - نزغة من الشيطان، ليشوِّش عليه حاله، ويكدِّر عليه وقته، فإنه عظم عليه من اختلاف القراءات [ما ليس عظيمًا في نفسه، وإلا فأيّ شيء يلزم من المحال والتكذيب من اختلاف القراءات] (١)، لكن لما تولّى الله بكفايتهم أَمرَ الشيطان لم يؤثر تزيينه وتسويله أثرًا يركنون إليه، ولا يدومون عليه، وإنما كان ذلك امتحانا لسرائرهم؛ ليبرز للوجود ما علمه الله من ضمائرهم، ولـ {يَرفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُم وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ دَرَجَاتٍ} وإلا فانظر مآل هذا الواقع ماذا كان، فإنه لما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أصابه من ذلك الخاطر؛ نبّهه بأن ضرب في صدره، فأعقب ذلك بأن شرح الله صدره، وتنوّر باطنه، حتى آل له الكشف والشرح إلى حالة المعاينة، فلما ظهر له قبح ذلك الخاطر، خاف من الله - تعالى -؛ وسببه: أنه قد حصل منه التفات إلى ذلك الخاطر. وفيضه بالعرق؛ إنما كان استحياء من الله - تعالى -. ومعنى: سقط في نفسي؛ أي: اعترتني حيرة ودهشة.


(١) ساقط من (هـ) و (ط).

<<  <  ج: ص:  >  >>