للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَنَزَلَ نَبِيّ الله - صلى الله عليه وسلم - كَأَنِّي أَنظُرُ إِلَيهِ حِينَ يُجَلِّسُ الرِّجَالَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَقبَلَ يَشُقُّهُم حَتَّى جَاءَ النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلالٌ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤمِنَاتُ يُبَايِعنَكَ عَلَى أَن لا يُشرِكنَ بِاللَّهِ شَيئًا} فَتَلا هَذِهِ الآيَةَ حَتَّى فَرَغَ مِنهَا، ثُمَّ قَالَ حِينَ فَرَغَ مِنهَا: أَنتُنَّ عَلَى ذَلِكِ؟ فَقَالَتِ امرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، لَم يُجِبهُ غَيرُهَا مِنهُنَّ: نَعَم، يَا نَبِيَّ الله. لا يُدرَى حِينَئِذٍ مَن هِيَ. قَالَ: فَتَصَدَّقنَ. فَبَسَطَ بِلالٌ ثَوبَهُ، ثُمَّ قَالَ: هَلُمَّ، فِداء لَكُنَّ أَبِي وَأُمِّي، فَجَعَلنَ يُلقِينَ الفَتَخَ وَالخَوَاتِمَ فِي ثَوبِ بِلالٍ.

رواه البخاري (٤٨٩٥)، ومسلم (٨٨٤) (١)، وأبو داود (١١٤٢ - ١١٤٧)، والنسائي (٣/ ١٨٤).

ــ

وقوله: يُجَلِّسُ الرجال بيده، يعني: يشير عليهم بالجلوس، وكأنهم ظنوا أنه قد كمّل الخطبة.

وأما نزوله - صلى الله عليه وسلم - إلى النساء؛ فذلك ليسمعهن، وقيل: هذا خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يجوز للإمام اليوم قطع الخطبة ووعظ من بَعُد عنه. ويظهر أن دعوى خصوصية النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك فيه بعد؛ لعدم البيان، وإنما محمل هذا - والله أعلم - على أنه لم يقطع الخطبة، ولم يتركها تركًا متفاحشًا، وإنما كان ذلك كله قريبًا؛ إذ لم يكن المسجد كبيرًا، ولا صفوف النساء بعيدة، ولا محجوبة. والله أعلم.

وفيه من الفقه: هبة المرأة اليسير من مالها بغير إذن زوجها، ولا يقال في هذا: إن أزواجهن كانوا حُضُورًا؛ لأن ذلك لم ينقل، ولو نُقل ذلك فلم ينقل تسليم أزواجهن في ذلك، ومن ثبت له حق فالأصل بقاؤه حتى يُصرِّح بإسقاطه، ولم يصرح القوم ولا نُقل ذلك، فصحّ ما قلناه.

وقوله: فقامت امرأة واحدة إلى قوله: ولا يُدرى حينئذ من هي؟ . هكذا عند جميع الرواة، غير أن بعضهم يقول: لا يدري حَسَنٌ من هي؟ ، وكذا ذكره البخاري،

<<  <  ج: ص:  >  >>