رواه أحمد (٦/ ١٦٨)، والبخاري (١٠٤٦)، ومسلم (٩٠١)(١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥)، وأبو داود (١١٩٠)، والترمذي (٥٦١)، والنسائي (٣/ ١٢٧)، وابن ماجه (١٢٦٣).
* * *
ــ
والغَيرة في حقنا راجعة إلى تغير وانزعاج وهيجان يلحق الغيران عندما يُنال شيء من حرمه أو محبوباته؛ فعمل على صيانتهم ومنعهم. وهذا التغيّر على الله محال؛ هو مُنزَّه عن كل تغير ونقص، لكن لما كانت ثمرة الغيرة صون الحريم ومنعهم، وزجر القاصد إليهم؛ أطلق ذلك على الله - تعالى -؛ إذ قد زجر وذمّ ونصب الحدود، وتوعد بالعقاب الشديد من تعرض لشيء من محارمه، وهذا من التجوّز، ومن باب تسمية الشيء باسم ما يترتب عليه، وقد قررنا نحو هذا المعنى في كتاب الإيمان.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرًا: يعني ما يعلم هو من أمور الآخرة وشدة أهوالها، ومما أُعِدّ في النار من عذابها وأنكالها، ومما أُعِدّ في الجنة من نعيمها وثوابها، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قد كان رأى كل ذلك مشاهدة وتحقيقًا، ولذلك كان - صلى الله عليه وسلم - متواصل الأحزان، قليل الضحك؛ جلّه التبسم.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ألا هل بلغت؟ يعني: ما أمر به بتبليغه من الإنذار والتحذير والتنزيل.