وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَ النَبِيَ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ مُنَادِيًا: الصَلَاةُ جَامِعَةُ، فَاجتَمَعُوا.
وَفِي أُخرَى: أَنَ النَبِيَ - صلى الله عليه وسلم - جَهَرَ فِي صَلاةِ الخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ.
وَزَادَ في أخرى: يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ! إِن مِن أَحَدٍ أَغيَر مِنَ الله أَن يَزنِيَ
ــ
وقوله: بعث مناديًا: الصلاة جامعة، فاجتمعوا؛ أي: ينادي، أو يقول ذلك، ولهذا الحديث استحسن الشافعي أن يقال ذلك في الخسوف. وهو حجة للجمهور على أبي حنيفة؛ إذ قال: لا يُجتمع لها، والكل متفقون على أنه لا يُؤذّنَ لها ولا يقام.
وقوله: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - جهر في صلاة الخسوف بالقراءة؛ أخذ بظاهر هذا جماعة من السلف ومحمد بن الحسن وأبو يوسف وأحمد وإسحاق وفقهاء الحديث، ورواه معن والواقدي عن مالك؛ فقالوا: يُجهرُ بها في صلاة كسوف الشمس، ومشهور قول مالك: الإسرارُ فيها، وهو قول الشافعي وأبي حنيفة والليث وسائر أصحاب الرأي؛ مُتمسكين بقول ابن عباس: أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ فيها نحو سورة البقرة، قالوا: ولو جهر لعُلم ما قرأ، وبما خرّجه النسائي من حديث سمرة بن جندب (١)، وَوَصف صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكسوف قال: فصلى، فقام كأطول قيام قام بنا في الصلاة قط، ما نسمع له صوتًا. . .، وذكر الحديث. وتأوّلوا الحديث الأول على أنه كان في خسوف القمر بالليل، وخيَّر الطبري بين الجهر والإسرار، فأعمل الحديثين.
وقوله: يا أمة محمد! إن من أحدٍ أغير من الله: إن نافية بمعنى ما، ومن زائدة على اسم إن. وأغير بالنصب: خبر إن النافية، فإنها تعمل عمل ما عند الحجازيين، وعلى التَّميمية: هو مرفوع على أنه خبر المبتدأ الذي هو أحد.