وابن لحي: اسمه عمرو، ولُحَيٌّ أبوه، ابن قمعة بن إلياس، وهو الذي كنّاه في الحديث الآخر بأبي ثمامة، وسماه: بـ عمرو بن مالك. ولُحَيّ: لقب مالك، وقد جاء في رواية أخرى: عمرو بن عامر الخزاعي. والله أعلم. وكان عمرو هذا أول من غيّر دين إسماعيل، فنصب الأوثان، وبَحّر البحيرة، وسيّب السائبة، ووصل الوصيلة، وحمى الحامي؛ فيما ذكر ابن إسحاق، وهو الذي عنى الله بقوله:{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَأَكثَرُهُم لا يَعقِلُونَ}
وقد اختُلف في تفسير هذه الأشياء، فالسائبة: الناقة إذا تابعت بين عشر إناث ليس بينهن ذكر، سُيِّبت فلم يُركب ظهرها، ولم يُجَزَّ وبرها، ولم يَشرب لبنَها إلا ضيفٌ، فما نتجت بعد ذلك من أنثى شُقَّت أذنها، ثم خُلِّي سبيلها مع أمها على حكمها، وهي البحيرة بنت السائبة، وسُمِّيت بذلك؛ لأنها بُحرت أذنها؛ أي: شُقّت شَقًّا واسعًا، وهذا قول ابن إسحاق. وقال غيره: السائبة: هي التي ينذزها الرجل أن يسيبها إن برأ من مرضه، أو أصاب أمرًا يطلبه، فإذا كان ذلك أسابها فسابت، لا ينتفع بها.
قال ابن إسحاق: والوصيلة: الشاة إذا أَتأمَت عشر إناث متتابعات في خمسة أبطن ليس بينهن ذَكر، قالوا: وصلت، فكان ما ولدت بعد ذلك للذكور منهم دون الإناث، إلا أن يموت شيء منها فيشترك فيه ذكورهم وإناثهم، وقال كثير من أهل اللغة: إن الشاة كانت إذا ولدت أنثى فهي لهم، وإذا ولدت ذكرًا ذبحوه لآلهتهم، وإذا ولدت ذكرًا وأنثى لم يذبحوا الذكر، وقالوا: وصلت أخاها، فيسيبون أخاها ولا ينتفعون به.
والحامي: الفحل إذا رُكِب وَلَدُ ولده، وقيل: إذا نتج من صلبه عشرة أبطن؛ قالوا: حمى ظهره، فلا يُركب، ولا يُنتفع به، ولا يُمنع من ماءٍ ولا كلأٍ.