للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَتَّى لَقَد رَأَيتُنِي أُرِيدُ أَن آخُذَ قِطفًا مِنَ الجَنَّةِ حِينَ رَأَيتُمُونِي أَتَقَدَّمُ، وَلَقَد رَأَيتُ جَهَنَّمَ يَحطِمُ بَعضُهَا بَعضًا حِينَ رَأَيتُمُونِي تَأَخَّرتُ، وَرَأَيتُ فِيهَا

ــ

كما دل عليه الكتاب والسنة، وذلك أنه راجع إلى أن الله - تعالى - خلق لنبيه - صلى الله عليه وسلم - إدراكًا خاصًّا به، أدرك به الجنة والنار على حقيقتهما، كما قد خلق له إدراكًا لبيت المقدس، فطفق يخبرهم عن آياته، وهو ينظر إليه. ويجوز أن يقال: إن الله - تعالى - مثّل له الجنة والنار، وصوّرهما له في عرض الحائط؛ كما تتمثل صور المرئيات في المرآة، ويُعتضد هذا بما رواه البخاري من حديث أنس في غير حديث الكسوف، قال - صلى الله عليه وسلم -: لقد رأيت الآن منذ صليت لكم الصلاة الجنة والنار متمثلتين في قبلة هذا الجدار (١)، وفي لفظ آخر: عرضت عليَّ الجنة والنار آنفًا في عرض هذا الحائط وأنا أصلي (٢)، وقال فيه مسلم: إني صُوِّرت لي الجنة والنار، فرأيتهما دون هذا الحائط (٣)، ولا يستبعد هذا من حيث: إن الانطباع في المرآة إنما هو في الأجسام الصقيلة؛ لأنا نقول: إن ذلك شرط عادي لا عقلي، ويجوز أن تنخرق العادة وخصوصًا في مدة النبوة، ولو سُلِّم أن تلك الشروط عقلية، فيجوز أن تكون تلك الأمور موجودة في جسم الحائط، ولا يُدرِك ذلك إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقطف الثمرة: ما يقطف منها؛ أي: يقطع ويُجتنى، وهو هنا عنقود من العنب؛ كما قد جاء مفسرًا في الرواية الأخرى. ويحطم؛ أي: يكسر بعضها على بعض كما يفعل البحر. والحَطم: الكسر، ويحتمل أن يريد بذلك: أن بعضها يأكل بعضًا، وبذلك سميت جهنم: الحطمة. والرجل الحطمة: الأكول.


(١) رواه البخاري (٧٤٩).
(٢) رواه البخاري (٥٤٠).
(٣) رواه مسلم (٢٣٥٩) من حديث أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>