للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- وَقَالَ: لَم يَكُونُوا يَسأَلُونَ عَنِ الإِسنَادِ، فَلمَّا وَقَعَتِ الفِتنَةُ قَالُوا: سَمُّوا لَناَ رِجَاَلكُم: فَيُنظَرُ إِلى أَهلِ السُّنَّةِ فَيُؤخَذُ حَدِيثُهُم، وَيُنُظَرُ إِلَى أَهلِ البِدَعِ فَلَا يُؤخَذُ حَدِيثُهُم.

ــ

لبنيه: يا بَنِيَّ، لا تقبلوا الحديثَ إلا مِن ثقة. وقال ابن معين: كان فيما أوصى به صُهَيبٌ بنيه أن قال: يا بَنِيَّ، لا تَقبَلُوا الحديثَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا مِن ثقة. وقال ابن عَون: لا تأخذوا العلمَ إلا ممن يُشهَدُ له بالطلب. وقال سليمانُ بن موسى: لا يؤخذُ العلمُ مِن صَحَفِيٍّ (١)، وقال أيضًا: قلتُ لطاوسٍ: إنَّ فلانًا حدَّثني بكذا وكذا، فقال: إن كان مثبتا (٢)، فَخُذ عنه.

و(قوله: لَم يَكُونُوا يَسأَلُونَ عَنِ الإِسنَادِ)؛ يعني بذلك: مَن أدرَكَ من الصحابة وكبراء التابعين. أما الصحابة فلا فرق بين إسنادهم وإرسالهم؛ إذ الكلُّ عدولٌ على مذهب أهل الحَقِّ، كما أوضحناه في الأصول، وكذلك: كُلُّ من خالَفَ في قبول مراسيل غير الصحابة وافَقَ على قبولِ مراسيل الصحابة. وأما كُبَرَاءُ التابعين ومتقدِّموهم فالظاهر من حالهم أنهم يحدِّثون عن الصحابة إذا أرسلوا، فتُقبَلُ مراسيلهم، ولا ينبغي أن يُختَلَفَ فيها؛ لأنَّ المسكوتَ عنه صحابيٌّ، وهم عدول، وهؤلاء التابعون هم: كعروةَ بن الزُّبَيرِ، وسعيد بن المسيِّب، ونافعٍ مولى ابن عمر، ومحمد بن سِيرِينَ، وغيرهم مِمَّن هو في طبقتهم.

وأمَّا من تأخَّر عنهم ممن حدَّثَ عن متأخِّرِي الصحابة وعن التابعين؛ فذلك محلُّ الخلاف، والصواب: قَبُولُ المراسيل إذا كان المُرسِلُ مشهورَ المذهب في الجرح والتعديل، وكان لا يحدِّثُ إلا عن العدول؛ كما أوضحناه في الأصول.

و(قوله: فَلمَّا وَقَعَتِ الفِتنَةُ قَالُوا: سَمُّوا لَناَ رِجَاَلكُم) هذه الفتنة يعني بها


(١) "الصَّحَفي": من يُخطئ في قراءة الصحيفة، ومن يعتمد في رواياته على الصُّحف دون الرجال.
(٢) في (م) وإكمال إكمال المعلم (١/ ٢٤): مليئًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>