ثلاثٌ، وليس لذلك عند مالك وبعض أصحابه حدٌّ لازم يُقتصر عليه، لكنه يُنقى ويُغسل جميعُه، وإليه يرجع قول الشافعي وغيره من العلماء. وصَرف الأمر إلى اجتهاد الغاسل إنما هو بحسب ما يراه زيادة في الإنقاء والاحتياج إلى ذلك، وكذلك إذا خرج من الميت شيء بعد غسله أعاد غسله، وقد جاء في الرواية الأخرى أو سبعًا، أو أكثر من ذلك، قال أبو عمر بن عبد البر: لا نعلم أحدًا من العلماء قال بمجاوزة سبع غسلات في غسل الميت. قال أبو الفضل عياض: وإن خرج منه شيء بعد السبع غسل الموضع وحده، قال مالك وأبو حنيفة وجماعة من المالكية، قالوا: وحكمه حكم الجنب إذا أحدث بعد غسله. ومنهم من قال: يُوضأ إذا خرج منه شيء بعد الثالثة.
وقوله بماء وسدر احتج بهذا ابن شعبان ومن يجيز غسله بماء الورد وبالماء المضاف، قال ابن الفرضي: وإنما يكره غسل الميت بماء القرنفل وماء الورد من ناحية السرف، وإلا فهو جائز؛ إذ لا يُغسل ليطهر، بل هو إكرام للقاء الملكين. والجمهور على أن غسله بذلك لا يجوز، وأن ذلك لا يُفهم من الحديث، لكنه عندهم محمول على أن يُغسل أولا بالماء القَرَاح فتتم الطهارة، وفي الثانية بالماء والسدر للتنظيف، ثم قال في الثالثة بالماء والكافور للتطييب والتجفيف. قال عياض: وهذا حقيقة مذهب مالك، وحكاه ابن حبيب وقال: بل يُبدأ بالماء والسدر، ثم بالماء القراح. وقال أبو قلابة مثله، لكنه قال: ويُحسب هذا غسلة واحدة. وذهب أحمد إلى أن الغسلات كلها تكون بالماء والسدر على ظاهر الحديث.
قلت: ويمكن أن يُجعل السدر في الماء، ويُخضخض حتى تخرج رغوته، ثم يُدلك جسد الميت ليبالغ في إزالة أدرانه، ثم يُصبّ الماء عليه، كما يحتال في قلع ما يعسر قلعه من الأدران بالغاسول، ويكون هذا في أول غسله كما قاله