للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاجعَلنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا أَو شَيئًا مِن كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغتُنَّ فَآذِنَّنِي. فَلَمَّا فَرَغنَا آذَنَّاهُ، فَأَلقَى إِلَينَا حَقوَهُ فَقَالَ: أَشعِرنَهَا إِيَّاهُ.

ــ

ابن حبيب، والله أعلم. فإن لم يُوجد سدر فغيره من الغاسول مما يتنزّل منزلته يكفي عند كافة العلماء، وروي عن عائشة - رضي الله عنها - في غسل رأس المَيِّت بالخِطمي نهيٌ.

وقوله واجعلن في الآخرة كافورًا؛ يعني في الغسلة الآخرة، وعلى هذا جماعة العلماء إلا أبا حنيفة والأوزاعي، فإنهما رأيا أن ذلك في الحنوط لا في الغسل. وفائدة تخصيص الكافور تبريده وتجفيفه ومنعه سرعة التغيّر وقوة رائحته وسطوعها، فإن عدم قام غيره من الطيب مقامه، وهذا كله إكرام للميت وإعداد له للقاء الملائكة الكرام، والله تعالى أعلم.

وقوله فألقى إلينا حَقوَه فقال: أَشعِرنَها إيَّاه، الحقو - بالفتح - هو المعروف من كلام العرب، وقالته هذيل بكسر الحاء، وأصله معقد الإزار، وجمعه أَحقٍ وأحقاء وحُقِيّ؛ كدَلو وأدلاء ودُلِيّ. وهو في هذا (١) الحديث الإزار، وهو المئزر الذي يُشد على الحقو، فسمي باسم الحقو على التوسُّع، كما تقول العرب: عذت بحقو فلان - أي استجرت به.

وأشعرنها؛ أي: اجعلنه مما يلي جسدها، والشعار الثوب الذي يلي الجسد، والدثار الذي يلي الشعار، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: أنتم شعار، والناس دثار (٢) - كناية عن القرب والاتصال بهم.

واختلف في كيفية جعل هذا الإزار عليها؛ فقال ابن وهب: يُجعل لها مِئزرًا. وقال ابن القاسم: تُلفَّف فيه ولا تُؤزر - وهو قول ابن سيرين


(١) ساقط من (ع).
(٢) رواه البخاري (٤٣٣٠)، ومسلم (١٠٦١) من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>