للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: {استَغفِر لَهُم أَو لا تَستَغفِر لَهُم إِن تَستَغفِر لَهُم سَبعِينَ مَرَّةً} وَسَأَزِيدُ عَلَى سَبعِينَ. قَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ! فَصَلَّى عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَنزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنهُم مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُم عَلَى قَبرِهِ.

ــ

مِنهُم مَاتَ أَبَدًا} ويظهر من هذا المساق أن عمر - رضي الله عنه - وقع له في خاطره أن الله نهاه عن الصلاة عليه قبل نزول الآية، ويكون هذا من قبيل الإلهام والتحديث (١) الذي شهد له به النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون فهم ذلك من سياق قوله تعالى: {استَغفِر لَهُم أَو لا تَستَغفِر لَهُم} وهذان التأويلان فيهما بُعد، والذي يظهر لي - والله تعالى أعلم - أن البخاري ذكر هذا الحديث من رواية ابن عباس وساقه سياقةً هي أتقن من هذه، وليس فيها هذا اللفظ، فقال عنه عن عمر: لما مات عبد الله بن أُبي ابن سلول دعي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلّي عليه، فلما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عمر: وثبتُ إليه فقلت: يا رسول الله، أتصلي على ابن أُبيّ وقد قال يوم كذا كذا وكذا؟ أعدِّد عليه. قال: فتبسّم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: أخِّر عني. فلما أكثرتُ عليه قال: إني خُيِّرت فاخترت، لو أنّي أعلم أنّي إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها. قال: فصلّى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم انصرف، فلم يمكث إلا يسيرًا حتى نزلت الآيتان من براءة: وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنهُم مَاتَ أَبَدًا. قال: فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم (٢). والله ورسوله أعلم.

قلت: وهذا مساق حسن وترتيب متقن، ليس فيه شيء من الإشكال المتقدّم، فهو الأولى.

وقوله صلى الله عليه وسلم سأزيد على السبعين وعد بالزيادة، وهو مخالف لما في


(١) رواه البخاري (٤٦٧١).
(٢) رواه البخاري (٤٦٧٦)، ومسلم (٢٤)، والنسائي (٤/ ٩٠ و ٩١) من حديث المسيب بن حزن رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>