لا اختلاف فيه: أن في كل خمسين بقرةٍ: بقرةٌ. فوجب الأخذ بهذا، وما دون ذلك مختلف فيه، ولا نص في إيجابه.
قلت: وحديث جابر وأبي سعيد يدلان: على أن ما نقص عن هذه النصب ليس فيه زكاة، ولا خلاف في ذلك، إلا ما ذهب إليه أبو حنيفة وبعض السلف من أن الحب تخرج الزكاة من قليله وكثيره، والحديثان حجتان عليهم.
وقال داود: كل ما يدخله الكيل فتراعى فيه الخمسة الأوسق، وما عداه مما لا يوسق، ففي قليله وكثيره الزكاة.
قال القاضي عياض: وأجمعوا على أن في عشرين دينارًا الزكاة. ولا تجب في أقل منها، إلا ما روي عن الحسن والزهري مما لم يتابعا عليه: أن لا صدقة في أقل من أربعين دينارًا، والأشهر عنهما ما روي عن الجماعة. وروي عن بعض السلف: أن الذهب إذا كانت قيمته مائتي درهم فيها الزكاة، فإن نقصت عن ذلك فلا شيء فيه.
واتفقوا على أن ما زاد من الحب على خمسة أوسق، أن الزكاة في قليله وكثيره، ولا وَقَصَ فيه. واتفقوا على الأوقاص في المواشي.
واختلفوا في الذهب والفضة، فذهب مالك والشافعي وبعض السلف والجمهور إلى أن لا وقَصَ فيهما. وذهب أبو حنيفة وبعض الجماعة إلا أنه لا شيء فيما زاد على المائتي درهم حتى تبلغ أربعين، ولا على العشرين دينارًا حتى تبلغ أربعة دنانير، فإذا زادت على ذلك، ففي كل أربعين درهمًا درهم. وفي كل أربعة دنانير درهم، ومعتمدهم في هذا: حديث ضعيف لا أصل له.
ومالك وجمهور علماء الأمصار يرون ضَمَّ الذهب والفضة على اختلاف بينهم: فمالك وجماعة يراعون الوزن، والضم على الأجزاء لا على القيم، ويُنزِلُون كل دينار منزلة عشرة دراهم على الصرف القديم. وأبو حنيفة والأوزاعي والثوري يرون ضمها على القيمة في وقت الزكاة.
وقال الشافعي وداود وأبو ثور وأحمد: لا يضم منها (١) شيء إلى شيء، ويراعى نصاب كل واحد منهما بنفسه.