فأما الصغير: فلا خلاف عند من يقول: إنها تخرج بسببه؛ أنّ وليَّه هو الذي يخاطب بإخراجها؛ إذ الصبي لم يجر عليه بَعدُ قلم التكليف.
وأما العبد: فذهب الجمهور: إلى أنه ليس مخاطبًا بها؛ لأنه لا شيء له. ولو كان له مالٌ فسيده قادر على انتزاعه، خلافًا لداود، فإنه أوجبها على العبد؛ تمسكًا بلفظ العبد المذكور في الحديث هذا.
وقال: على السيد أن يتركه قبل الفطر فيكتسب ذلك القدر، وليس له منعه من ذلك في تلك المدة، كما لا يمنعه من صلاة الفرض.
ثم إذا تنزلنا على قول الجمهور في أنه لا يجب عليه شيء، فهل يخاطب سيده بإخراجها عنه أم لا؟ جمهورهم أيضًا: على أنه يجب ذلك عليه؛ لأنه تلزمه نفقته ومؤونته، وهذه من جملة المؤن، فإن المخاطَب بإخراجها المكلَّف الواجدَ لها حين الوجوب؛ عن نفسه وعن من تلزمه نفقته؛ بدليل ما رواه الدارقطني من حديث ابن عمر رضي الله عنه - قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزكاة الفطر عن الصغير والكبير، والحر والعبد، ممن تمونون (١).
والصحيح ما في الأصل من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر عن كل: صغير وكبير، وحرٍّ أو مملوك، فصرّح فيه بأنهم كانوا يخاطبون بإخراج زكاة الفطر عن غيرهم؛ وذلك الغير لا بدّ أن يكون بينه وبين المأمور بالإخراج ملابسة، وتلك الملابسة هي التي تكون مثل الملابسة التي تكون بين الصغير ووليه، والعبد وسيده، وهي القيام بما يحتاج إليه كل واحد منهما من المؤن.
وأما إخراجها عن الزوجة، فمذهب الجمهور أن ذلك يجب على الزوج. وقال الكوفيون: لا يلزم الرجل إخراجها عن زوجته، وإنما يلزمها هي أن تخرجها عن نفسها، وسببه ما تقدّم.