للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٩٠٢] وَعَن حَكِيمَ بنَ حِزَامٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (أَفضَلُ الصَّدَقَةِ، أَو خَيرُ الصَّدَقَةِ عَن ظَهرِ غِنًى، وَاليَدُ العُليَا خَيرٌ مِنَ اليَدِ السُّفلَى، وَابدَأ بِمَن تَعُولُ).

رواه البخاري (١٤٧٢)، ومسلم (١٠٣٤)، والنسائي (٥/ ٦٩).

ــ

وقوله: (وابدأ بمن تعول)؛ يعني: أنه يبدأ بكفاية من تلزمه كفايته، ثم بعد ذلك يدفع لغيرهم؛ لأن القيام بكفاية العيال واجب، والصدقة على الغير مندوبٌ إليها، ولا يدخل في ذلك ترفيه العيال الزائد على الكفاية، فإن الصدقة بما يرفه به العيال أولى؛ لأن من لم تندفع حاجته أولى بالصدقة ممن اندفعت حاجته في مقصود الشرع.

وقوله: (خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى)؛ أي: ما كان من الصدقة بعد القيام بحقوق النفس وحقوق العيال. وقال الخطابي: أي: متبرعًا، أو عن غنى يعتمده، ويستظهر به على النوائب. والتأويل الأول أولى، غير أنه يبقى علينا النظر في درجة الإيثار التي أثنى الله بها على الأنصار؛ إذ قال: {وَيُؤثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِم وَلَو كَانَ بِهِم خَصَاصَةٌ} وقد روي: أن هذه الآية نزلت بسبب رجل من الأنصار ضافه ضيف فنوَّم صبيته وأطفأ السِّراج، وآثر (١) الضيف بقوتهم. وكذلك قوله تعالى: {وَيُطعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ}؛ أي: على شدّة الحاجة إليه والشهوة له، ولا شكّ أن صدقة مَن هذه حالُه أفضل.

وفي حديث أبي ذر: (أفضل الصدقة جهد من مقل) (٢). وفي حديث أبي هريرة: (سبق درهم مائة ألف)، قالوا: وكيف؟ قال: (رجل له درهمان، فتصدق بأحدهما، ورجل له مال كثير، فأخذ من


(١) في (ع) و (ظ): وآثروا.
(٢) رواه الحميدي (١٢٧٦)، وابن عدي (٣/ ١٠٨٥). وانظر: السلسلة الصحيحة للألباني (٥٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>