للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لابتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا، وَلا يَملأُ جَوفَ ابنِ آدَمَ إِلا التُّرَابُ)، وَكُنَّا نَقرَأُ سُورَةً كُنَّا نُشَبِّهُهَا بِإِحدَى المُسَبِّحَاتِ فَأُنسِيتُهَا؛ غَيرَ أَنِّي حَفِظتُ مِنهَا: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة.

رواه مسلم (١٠٥١).

* * *

ــ

أحدها: نسخ الحكم وبقاء التلاوة.

والثاني: عكسه، وهو: نسخ التلاوة وبقاء الحكم.

والثالث: نسخ الحكم والتلاوة، وهو كرفع هاتين السورتين اللتين ذكرهما أبو موسى، فإنهما رُفِعَ حُكمَهُما وتلاوتُهما. وهذا النحو من النسخ هو الذي ذكر الله تعالى حيث قال: {مَا نَنسَخ مِن آيَةٍ أَو نُنسِهَا}؛ على قراءة من قرأها بضم النون، وكسر السين. وكذلك قوله تعالى: {سَنُقرِئُكَ فَلا تَنسَى * إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ} وهاتان السورتان مما قد شاء الله تعالى أن يُنسِيَه بعد أن أنزله، وهذا لأن الله تعالى فعال لما يريد، قادر على ما يشاء؛ إذ كل ذلك ممكن.

ولا يتوهم متوهم من هذا وشبهه أن القرآن قد ضاع منه شيء، فإن ذلك باطل؛ بدليل قوله تعالى: {إِنَّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} وبأن إجماع الصحابة ومن بعدهم انعقد على أن القرآن الذي تعبدنا بتلاوته وبأحكامه هو ما ثبت بين دفتي المصحف من غير زيادة ولا نقصان، كما قررناه في أصول الفقه.

وقوله تعالى: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفعَلُونَ} هو استفهام على حجة الإنكار والتوبيخ، على أن يقول الإنسان عن نفسه من الخير ما لا يفعله. أما في الماضي: فيكون كذابًا، أو في المستقبل: فيكون خُلفًا، وكلاهما مذموم. وهذا في قوله تعالى: {كَبُرَ مَقتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفعَلُونَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>