للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلا آكِلَةَ الخَضِرِ فَإِنَّهَا تَأكُلُ، حَتَّى إِذَا امتلأت خَاصِرَتَاهَا استَقبَلَتِ الشَّمسَ ثُمَّ اجتَرَّت. وَبَالَت وَثَلَطَت ثُمَّ عَادَت فَأَكَلَت، فإن هَذَا المَالَ خَضِرَةٌ حُلوَةٌ، فَمَن أَخَذَهُ بِحَقِّهِ وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ، فَنِعمَ المَعُونَةُ هُوَ. وَمَن أَخَذَهُ بِغَيرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأكُلُ وَلا يَشبَعُ).

ــ

الكبير. والحبط: الانتفاخ، يقال: حبطت الدابة تَحبط، إذا انتفخ بطنها من كثرة الأكل، وربما تموت من ذلك، وأصل الحبط: الإبطال والإفساد. ومنه: {فَحَبِطَت أَعمَالُهُم}؛ أي: بطلت.

ويلم؛ أي: يقرب من الموت، وأصله: من ألم بالمكان؛ إذا نزل به. ومنه قول الشاعر:

متى تأتنا تُلمِم بنا في ديارنا

أي: تنزل.

قال الأزهري: هذا الخبر إذا بتر لم يكد يفهم، وفيه مثلان، ضُرب أحدهما للمفرط في جمع الدنيا ومنعها من حقها، وضرب الآخر للمقتصد في أخذها والانتفاع بها.

فأما قوله: (وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطًا)، فهو مثل للمفرط الذي يأخذها بغير حق؛ وذلك أن الربيع ينبت أحرار البقول (١) والعشب، فتستكثر منها الماشية، حتى تنتفخ بطونها لما جاوزت حدّ الاحتمال، فتنشق أمعاؤها وتهلك، وكذلك الذي يجمع الدنيا من غير حلها، ويمنع ذا الحقّ حقه، فيهلك في الآخرة بدخوله النار. وأما مثل المقتصد، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إلا آكلة الخَضِر) إلى آخره، وذلك أن الخَضِر ليست من أحرار البقول التي ينبتها الربيع، ولكنها من الجَنبَة التي ترعاها المواشي بعد تهيج البقول، فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - آكلة الخضر من المواشي مثلا لمن


(١) هو كلُّ ما أُكِل غير مطبوخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>