للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (وَيلَكَ وَمَن يَعدِلُ إِن لَم أَعدِل؟ قَد خِبتُ وَخَسِرتُ إِن لَم أَعدِل)، فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللهِ! ائذَن لِي فِيهِ أَضرِب عُنُقَهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (دَعهُ فَإِنَّ لَهُ أَصحَابًا يَحقِرُ أَحَدُكُم صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِم،

ــ

وقوله: (يتلون كتاب الله رطبًا)؛ فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه الحذق بالتلاوة، والمعنى: أنهم يأتون به على أحسن أحواله.

والثاني: يواظبون على تلاوته، فلا تزال ألسنتهم رطبة به.

والثالث: أن يكون من حسن الصوت بالقراءة.

وقوله: (يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان)؛ هذا منه - صلى الله عليه وسلم - إخبار عن أمر غيب وقع على نحو ما أخبر عنه، فكان دليلاً من أدلة نبوّته - صلى الله عليه وسلم -، وذلك: أنهم لما حكموا بكفر مَن خرجوا عليه من المسلمين، استباحوا دماءهم، وتركوا أهل الذمة، وقالوا: نَفِي لهم بذمتهم، وعدلوا عن قتال المشركين، واشتغلوا (١) بقتال المسلمين عن قتال المشركين.

وهذا كله من آثار عبادات الجهّال، الذين لم يشرح الله صدورهم (٢) بنور العلم، ولم يتمسكوا بحبل وثيق، ولا صحبهم في حالهم ذلك توفيق. وكفى بذلك: أنّ مُقَدَّمهم ردّ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَمرَه، ونسبه إلى الجور، ولو تبصّر لأبصر عن قرب أنه لا يتصوّر الظلم والجوّر في حق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما لا يتصوّر في حق الله تعالى؛ إذ الموجودات كلها ملك لله تعالى، ولا يستحق أحد عليه حقًّا، فلا يُتصوّر في حقه شيء من ذلك.

والرسول - صلى الله عليه وسلم - مبلغ حكم الله تعالى، فلا يُتصوّر في حقه من ذلك ما لا يتصور في حق مرسله. ويكفيك من جهلهم وغلوّهم في بدعتهم حكمهم بتكفير من شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصحَّة إيمانه، وبأنه من أهل الجنة، كعليّ وغيره [من صحابة


(١) في (ظ) و (هـ): واستقلوا.
(٢) في (ظ) و (هـ): لم تنشرح صدورهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>