للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٩٤١] وَعَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِتَمرَةٍ بِالطَّرِيقِ، فَقَالَ: (لَولا أَن تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأَكَلتُهَا).

رواه أحمد (٣/ ١١٩)، والبخاري (٢٠٥٥)، ومسلم (١٠٧١)، وأبو داود (١٦٥١ و ١٦٥٢).

ــ

يخاطبون بأن يجنبوهم شرب الخمور وأكل ما لا يحل.

وقوله - صلى الله عليه وسلم - وقد وجد تمرة في الطريق -: (لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها)؛ هذا منه - صلى الله عليه وسلم - ورع وتنزّه. وإلا فالغالب تمر غير الصدقة؛ لأنه الأصل، وتمر الصدقة قليل، والحكم للغالب في القواعد الشرعية.

وفيه دليل: على أن اللُّقَطَة اليسيرة التي لا تتعلّق بها نفس فاقدها لا تحتاج إلى تعريف. وأنها تستباح من غير ذلك؛ لأنه علّل امتناعه من أكلها: هو خوفه أن تكون من الصدقة، ثم إن دليل خطابه أنها لو سلمت من ذلك المانع لأكلها.

وهذه الأحاديث كلها مع قوله: (إن الصدقة لا تنبغي لمحمد، ولا لآل محمد)؛ تدل على أن الصدقة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله محرّمة. وهل يعمّ التحريم الواجبات وغيرها، أو يخص الواجبة؟ اختلف فيه: فذهب مالك وأبو حنيفة في أحد قوليه: إلى أن المحرّم الواجبة فقط.

وحكى ابن القصار عن بعض أصحابنا: أن المحرّم صدقة التطوع دون الفريضة؛ لأنها لا مِنَّةَ فيها.

وقال أبو حنيفة أيضًا: إنها كلّها حلال لبني هاشم وغيرهم. وإنما كان ذلك محرمًا عليهم؛ إذ كانوا يأخذون سهم ذي القربى، فلما قطع عنهم حلت لهم، ونحوه عن الأبهري من شيوخنا. وروي عن أبي يوسف: أنها حرام عليهم من غيرهم، حلال لهم صدقة بعضهم على بعض.

قلت: والظاهر من هذه الأحاديث أنها محرمة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله، فرضُها ونفلُها؛ تمسُّكًا بالعمومات. ومن جهةِ المعنى: بأن الصدقة أوساخ

<<  <  ج: ص:  >  >>