للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: فَأَخبِرنِي عَنِ الإِيمَانِ؟ قَالَ: أَن تُؤمِنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ

ــ

ولمَّا تكرَّر الإحسانُ في القرآن، وترتَّب عليه هذا الثوابُ العظيم، سألَ عنه جبريلُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فأجابه ببيانه؛ ليعمَلَ الناسُ عليه، فيحصُلُ لهم هذا الحظُّ العظيم.

وسؤالُ جبريل عليه السلام عن الإيمانِ والإسلام بلفظ: ما كما في حديث أبي هريرة (١)، يدُلُّ على أنَّهُ إنما سأل عن حقيقتهما عنده، لا عن شَرحِ لفظهما في اللغة، ولا عن حُكمِهما؛ لأنّ ما في أصلها إنما يُسأَلُ بها عن الحقائق والماهيات. ولذلك أجابه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله: أن تُؤمِنَ بالله وبكذا وكذا؛ فلو كان سائلاً عن شرح لفظهما في اللغة لَمَا كان هذا جوابًا له؛ لأنَّ المذكورَ في الجواب هو المذكورُ في السؤال، ولمّا كان الإيمانُ في اللغة معلومًا عندهما، أعاد في الجوابِ لفظَهُ، وبيَّنَ له متعلَّقاتِهِ، وأنَّهُ قصره على تصديقٍ بأمورٍ مخصوصة.

والإيمانُ بالله: هو التصديقُ بوجوده تعالى، وأنَّه لا يجوزُ عليه العدم، وأنه تعالى موصوفٌ بصفاتِ الجلال والكمال مِنَ: العلم، والقدرة، والإرادة، والكلام، والسمع، والبصر، والحياة، وأنَّهُ تعالى منزَّهٌ عن صفاتِ النقصِ التي هي أضدادُ تلك الصفات، وعن صفاتِ الأجسامِ والمتحيِّزات، وأنَّهُ واحدٌ صمدٌ (٢)، فَردٌ، خالقُ جميعِ المخلوقات، متصرِّفٌ فيها بما يشاء من التصرُّفات، يفعلُ في ملكه ما يريد، ويحكُمُ في خلقه ما يشاء.

والإيمان بالملائكة: هو التصديقُ بأنَّهم: عِبَادٌ مُكرَمُونَ {لا يَسبِقُونَهُ بِالقَولِ وَهُم بِأَمرِهِ يَعمَلُونَ}، لَا يَعصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُم


(١) سيأتي حديث أبي هريرة قريباً في تلخيص مسلم برقم (٨).
(٢) في (ط): حق.

<<  <  ج: ص:  >  >>